للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(بَيْتُهُ أَقْصَى) أي أبعد (بَيْتٍ فِي الْمَدِينَةِ) أي من المسجد النبويّ (فَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي لا تفوته صلاة من الصلوات المكتوبات معه -صلى اللَّه عليه وسلم- (قَالَ) أُبيّ -رضي اللَّه عنه- (فَتَوَجَّعْنَا لَهُ) أي أشفقنا عليه، وآلمنا ما يُعانيه من المشقّة (فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، لَوْ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا) تقدّم في شرح الحديث الماضي أن "لو" إما شرطيّة يقدّر جوابها، أي لكان خيرًا لك، وإما للتمنيّ، فلا تحتاج إلى جواب (يَقِيكَ) مضارع وَقَى، من باب ضرب، وِقايةً، يقال: وقاه اللَّه السُّوءَ وِقَايةً بالكسر: حَفِظَهُ، والْوِقاءُ، مثلُ كتاب: كلُّ ما وَقَيتَ به شيئًا، ورَوَى أبو عبيد، عن الكسائيّ الفتح في "الوَقَاية"، و"الْوَقَاء" أيضًا، قاله في "المصباح" (١).

(مِنَ الرَّمْضَاءِ) أي الحجارة الحامية من حرّ الشمس (وَيَقِيكَ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ) بتشديد الميم: جمع هامّة، مثلُ دابّة ودوابّ، وهو ما له سمّ يَقتُلُ، كالحيّة، قاله الأزهريّ، وقد تُطلَقُ الهوامّ على ما لا يَقتُلُ، كالحشرات، ومنه حديث كعب بن عُجْرة -رضي اللَّه عنه-، حيث قال له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيؤذيك هوامّ رأسك. . . " الحديث، متّفقٌ عليه، والمراد القمل على الاستعارة، بجامع الأذى (٢).

(قَالَ) ذلك الرجل (أَمَ وَاللَّهِ) هي "أما" بمعنى الاستفتاحيّة، حُذفت ألفها، وفي نسخة: "أما" بإثباتها، وحذفُها لغة؛ إذ فيها لغات، قال ابن هشام الأنصاريّ في "مغنيه": "أما" بالفتح، والتخفيف حرف استفتاح بمنزلة "ألا"، وتكثر قبل القسم، كقوله [من الطويل]:

أَمَا وَالَّذِي أَبْكَى وَأَضْحَكَ وَالَّذِي … أَمَاتَ وَأَحْيَا وَالَّذِي أَمْرُهُ الأَمْرُ

وقد تُبدل همزتها هاءً، أو عينًا قبل القسم، وكلاهما مع ثبوت الألف وحذفها، أو تُحذف الألف مع ترك الإبدال، وإذا وقعت "إنّ" بعد "أما" هذه كُسرت كما تُكسر بعد "ألا" الاستفتاحيّة. انتهى (٣).

(مَا) نافية (أُحِبُّ أَنَّ بَيْتِي مُطَنَّبٌ بِبَيْتِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي لا أحبّ أنه مشدودٌ بالأَطْناب، وهي الحبال.

و"الْمُطَنَّبُ" بفتح النون المشدّدة، اسم مفعول من طنّبه تطنيبًا، قال في


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦٩.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٦٤١.
(٣) "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ١/ ١١٧ تحقيق حسن جمد.