للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢ - (ومنها): ما قيل: أنه يستدلّ به على تساوي الجماعات في الفضل، سواء كثرت الجماعة أم قَلَّت؛ لأن الحديث دلّ على فضيلة الجماعة على المنفرد بغير واسطة، فيدخل فيه كل جماعة، كذا قال بعض المالكية، وقوَّاه بما رَوَى ابنُ أبي شيبة بإسناد صحيح، عن إبراهيم النخعيّ، قال: إذا صلى الرجل مع الرجل فهما جماعةٌ، لهم التضعيف خمسًا وعشرين. انتهى.

قال الحافظ: وهو مسلَّم في أصل الحصول، لكنه لا ينفي مزيد الفضل لِمَا كان أكثر، لا سيما مع وجود النصّ المصرِّح به، وهو ما رواه أحمد، وأصحاب "السنن"، وصححه ابن خزيمة وغيره، من حديث أُبَيّ بن كعب -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "صلاةُ الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كَثُرَ فهو أحب إلى اللَّه"، وله شاهد قويّ في الطبرانيّ، من حديث قَبَاث بن أَشْيَم، وهو بفتح القاف، والموحدة، وبعد الألف مثلثة، وأبوه بالمعجمة، بعدها تحتانية، بوزن أحمر، ويترتب على الخلاف المذكور أن من قال بالتفاوت استَحَبَّ إعادة الجماعة مطلقًا؛ لتحصيل الأكثرية، ولم يَسْتَحِبّ ذلك الآخرون، ومنهم مَن فَصَّل، فقال: تعاد مع الأعلم، أو الأورع، أو في البقعة الفاضلة، ووافق مالك على الأخير، لكن قصره على المساجد الثلاثة، والمشهور عنه بالمسجدين المكيّ والمدنيّ، وكما أن الجماعة تتفاوت في الفضل بالقلّة والكثرة، وغير ذلك، مما ذُكِر كذلك يفوق بعضها بعضًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول باستحباب الإعادة إذا زادت الجماعة مطلقًا هو الأظهر عندي؛ لمزيد الفضل، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٥٠٨] (. . .) - (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، أَخْبَرَنَا (٢) عَبْثَرٌ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زكَرِيَّاءَ (ح) وَحَدَّثَنَا


(١) "الفتح" ٢/ ١٦٠.
(٢) وفي نسخة: "حدّثنا".