وأجابوا عَنْهُ بوجوهٍ، قد تقدّم تفنيدها في المسألة الخامسة من مسائل حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الماضي، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
٣ - (ومنها): تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة، وسرّه أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزجر اكتُفي به عن الأعلى من العقوبة، نَبّهَ عليه ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
٤ - (ومنها): أن في قوله: "والذي نفسي بيده" إثبات صفة اليد للَّه عزَّ وجلَّ على الوجه الذي يليق بجلاله، فهو كالقول في سائر الصفات، وهو عزَّ وجلَّ منزّه عن مشابهة الخلق في كل شيء، موصوف بصفات الكمال اللائقة به عزَّ وجلَّ.
٥ - (ومنها): جواز العقوبة بالمال، كذا استدَلّ به كثير من القائلين بذلك من المالكية وغيرهم.
قال في "الفتح": وفيه نظر؛ لاحتمال أن التحريق من باب ما لا يتم الواجب إلا به؛ إذ الظاهر أن الباعث على ذلك أنهم كانوا يختفون في بيوتهم، فلا يتوصل إلى عقوبتهم إلا بتحريقها عليهم.
٦ - (ومنها): جواز أخذ أهل الجرائم على غِرّة؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- هَمّ بذلك في الوقت الذي عُهِد منه فيه الاشتغال بالصلاة بالجماعة، فأراد أن يَبْغَتهم في الوقت الذي يتحققون أنه لا يطرقهم فيه أحد، وفي السياق إشعار بأنه تقدّم منه زجرهم عن التخلف بالقول حتى استحقوا التهديد بالفعل، وترجم عليه الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "كتاب الإشخاص"، وفي "كتاب الأحكام": "باب إخراج أهل المعاصي والرِّيَب من البيوت بعد المعرفة"، يريد أن من طُلِب منهم بحقّ، فاختَفَى، أو امتنع في بيته لَدَدًا، ومَطْلًا أُخرِج منه بكل طريق يتوصل إليها، كما أراد -صلى اللَّه عليه وسلم- إخراج المتخلفين عن الصلاة بإلقاء النار عليهم في بيوتهم.
٧ - (ومنها): أنه استَدَلّ به ابن العربيّ وغيره على مشروعية قتل تارك الصلاة متهاونًا بها. ونوزع في ذلك، ورواية أبي داود التي فيها أنهم كانوا يصلون في بيوتهم تَعْكُر عليه، نعم يمكن الاستدلال منه بوجه آخر، وهو أنهم إذا استحقوا التحريق بترك صفة من صفات الصلاة خارجة عنها، سواء قلنا: واجبة، أو مندوبة كان من تركها أصلًا رأسًا أحق بذلك، لكن لا يلزم من