[قلت]: إن صاحبي "الصحيحين" يُخرجان للمختلطين ما تأكّدا أنهم حفظوه، ولم يختلطوا فيه، وذلك يُعرف بأحد أمرين:
[الأول]: أن يكون الراوي عنهم ممن روى قبل اختلاطهم.
[والثانى]: أن يوافقهم غيرهم فيه، بأن تابعهم عليه، أو يروى بمعنى ما رووا، وما هنا من هذا الصنف؛ لأن حديث سماك عن جابر قد أخرج له المصنّف وغيره في الباب أحاديث بمعناه، فأحاديث الباب كلها تشهد له.
والحاصل أن حديث جابر بن سمُرة -رضي اللَّه عنهما- من رواية سماك عنه محفوظ، لم يؤثّر فيه تغيّره.
وقد ذكرت ضابط أحاديث المختلطين التي تُقبل منهم في منظومتي "عمدة المحتاط في معرفة من رُمي بالاختلاط" مع بيان معنى الاختلاط، فقلت:
الاخْتِلَاطُ لُغَةً قَدْ فُسِّرَا … بِأَنَّهُ فَسَادُ عَقْلٍ قَدْ عَرَا
وَفِي اصْطِلَاحِهِمْ فَسَادُ عَقْلِ … وَفَقْدُ ضَبْطِ قَوْلِهِ وَالْفِعْلِ
بِسَبَبٍ كَمَوْتِ حِبٍّ أَوْ مَرَضْ … أَوْ خَرَفٍ أَوْ فَقْدِ مَالٍ قَدْ عَرَضْ
وَحُكْمُهُ رَدُّ رِوَايَتِهِ إِنْ … بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ أَتَتْ إِنْ لَمْ تَبِنْ
مِمَّنْ رَوَى قَبْلُ وَهَكَذَا ذَكَرْ … ابْنُ الصَّلَاحِ وَاقْتَفَاهُ مَنْ أَثَرْ
وَالْحَقُّ مَا الْبُسْتِيُّ قَالَهُ لَدَى … كِتَابِهِ الصَّحِيحِ حَيْثُ أَرْشَدَا
بِأَنَّ مَا أُخِذَ عَنْهُمْ قَبْلُ أَوْ … قَدْ وَافَقُوا الثِّقَاتِ فِيهِ إِذْ رَوَوْا
يُقْبَلُ إِذْ هُمُ عُدُولٌ فَوَجَبْ … قَبُولُهُمْ وَغَيْرُ هَذَا يُجْتَنَبْ
وَذَا هُوَ الْحَقُّ لِمَنْ أَمْعَنَ فِي … نَظَرِهِ وَالسَّبْرِ لِلْمُؤَلَّفِ
سَلَكَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا صَنَعَا … لَدَى الصَّحِيْحَيْنِ وَنِعْمَ مَصْنَعَا
قَدْ أَخْرَجَا لِبَعْضِ مَنْ خَلَطَ عَنْ … طَرِيقِ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ فِي الْوَهَنْ
إِذْ وَافَقُوا الثِّقَاتِ فِيمَا نَقَلُوا … فَرَاجِعِ الْكُتْبَ تَجِدْ مَا مَثَّلُوا
٦ - (جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ) بن جُنَادة السُّوَائيّ الصحابيّ ابن الصحابيّ -رضي اللَّه عنهما-، نزل الكوفة، ومات بها بعد سنة (٧٠) (ع) تقدم في "الحيض" ٢٤/ ٨٠٨.