للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المصدر مبتدأ خبره محذوف وجوبًا، لقيام جواب "لولا" مقامه، وهو قوله: (لَأَمَرْتُهُمْ) أي لولا خوف المشقة على أمتي في تأخير صلاة العشاء إلى هذا الوقت لأمرتهم (أَنْ يُصَلُّوهَا) في تأويل المصدر مجرور بباء مقدرة قياسًا، أي بصلاتها (كَذَلِكَ") أي في حالٍ مشابهٍ لهذا، وهو كونها مؤخَّرة إلى هذا الوقت، ولفظ البخاريّ: "أن يصلّوها هكذا وفي رواية النسائيّ: "أن لا يصلّوها إلا هكذا وفي رواية له: "إنه الوقت، لولا أن أشق على أمتي"، واللَّه أعلم.

[فائدة]: وقع في رواية الطبرانيّ من طريق طاوس في هذا الحديث بمعناه، قال: وذهب الناس إلا عثمان بن مظعون في ستة عشر رجلًا، فخرج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "ما صلى هذه الصلاة أمة قبلكم"، قاله في "الفتح" (١).

(قَالَ) ابن جريج (فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً) أي طلبت منه التثبيت، يقال: اسْتَثْبَتَ في أمره: إذا شاور، وفحص عنه، قاله في "اللسان" (كيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ؟ كَمَا أَنْبَأَهُ) أي أخبره (ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- (فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ) أي فَرَّق، من التبديد، وهو التفريق (بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ) أي تفريقًا قليلًا (ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ) أي جانبه (ثُمَّ صَبَّهَا) بالصاد المهملة، ثم الموحّدة المشدّدة، وللبخاريّ: "ثم ضمّها" بالضاد المعجمة، والميم، وصوّب القاضي عياض الأول، قال: لأنه يصف عصر الماء من الشعر باليد، وقال الحافظ: ورواية البخاري، أيضًا مُوَجَّهة، بأنّ ضم الأصابع صفة للعاصر، فلا اختلاف بين المعنيين.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "ثم صبّها"، هكذا هو في أصول روايتنا، قال القاضي: وضبطه بعضهم: "قَلَبَها وفي البخاريّ: "ضمّها"، والأول هو الصواب بدليل لفظ الحديث. انتهى (٢).

(يُمِرُّهَا) بضم أوله، من الإمرار رباعيًّا، وللنسائيّ: "يَمُرّ بها" من المرور ثلاثيًّا، والجملة حال من "أطراف الأصابع"، وقوله: (كَذَلِكَ) أي على مثل تلك الحال من الصبّ، والجارّ والمجرور: متعلِّق بحال مقدر، أي حال كون


(١) ٢/ ٦٢.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٦٠٦، و"شرح النوويّ" ٥/ ١٤١.