للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لأنه لا يجيء الاحتمال مع ورود التصريح بالسماع في هذه الرواية، فتأمل، واللَّه تعالى أعلم.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قولُ عروة: "إن جبريل نزل" ليس فيه حجة واضحة على عمر بن عبد العزيز؛ إذ لم يعيّن له الأوقات، قال: وغاية ما يُتَوَهَّم عليه أنَّه نَبَّهه، وذَكَّره بما كان يعرفه من تفاصيل الأوقات، قال: وفيه بُعْدٌ؛ لإنكار عمر على عروة، حيث قال له: اعْلَمْ ما تُحَدِّث يا عروة، قال: وظاهر هذا الإنكار أنَّه لم يكن عنده علم من إمامة جبريل.

وتعقّبه الحافظ بأنّه لا يلزم من كونه لم يكن عنده علم منها، أن لا يكون عنده علم بتفاصيل الأوقات المذكورة، من جهة العمل المستمرّ، لكن لم يكن يعرف أن أصله بتبيين جبريل بالفعل، فلهذا استثبت فيه، وكأنه كان يَرَى أن لا مفاضلة بين أجزاء الوقت الواحد، وكذا يُحْمَل عمل المغيرة وغيره من الصحابة.

قال: ولم أقف في شيء من الروايات على جواب المغيرة لأبي مسعود -رضي اللَّه عنهما-، والظاهر أنَّه رجع إليه، واللَّه أعلم.

وأما ما زاده عبد الرزاق في "مصنَّفه" عن معمر، عن الزهريّ، في هذه القصة، قال: "فلم يَزَل عمر يُعَلِّم الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا"، ورواه أبو الشيخ في "كتاب المواقيت" له، من طريق الوليد، عن الأوزاعيّ، عن الزهريّ، قال: ما زال عمر بن عبد العزيز يتعلم مواقيت الصلاة حتى مات، ومن طريق إسماعيل بن حكيم، أن عمر بن عبد العزيز جَعَل ساعات ينقضين مع غروب الشمس، زاد من طريق ابن إسحاق، عن الزهريّ: فما أخرها حتى مات، فكلُّه يدلّ على أن عمر لم يكن يحتاط في الأوقات كثيرَ احتياط، إلا بعد أن حدّثه عروة بالحديث المذكور. انتهى (١).

[تنبيه]: ورد في هذه القصّة من وجه آخر، عن الزهريّ بيان أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يَرْفَع الإشكال، ويوضِّح توجيه احتجاج عروة به، فروى أبو داود وغيره، وصححه ابن خزيمة وغيره، من طريق ابن وهب، والطبرانيّ!


(١) "الفتح" ٢/ ٨.