قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تقدّم هذا السند بعينه في الباب الماضي.
وقوله:(فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أجمع المسلمون على أن هذا الحديث ليس على ظاهره، وأنه لا يكون بالركعة مدركًا لكل الصلاة، وتكفيه، وتحصل براءته من الصلاة بهذه الركعة، بل هو مُتَأَوَّل، وفيه اضمار، تقديره: فقد أدرك حكم الصلاة، أو وجوبها، أو فضلها. قال أصحابنا: يدخل فيه ثلاث مسائل:
[إحداها]: إذا أدرك من لا يجب عليه الصلاة ركعةً من وقتها لزمته تلك الصلاة، وذلك في الصبيّ يبلغ، والمجنون والْمُغْمَى عليه يفيقان، والحائض والنفساء تطهران، والكافر يُسلم، فمن أدرك من هؤلاء ركعةً قبل خروج وقت الصلاة، لزمته تلك الصلاة، وإن أدرك دون ركعة، كتكبيرة، ففيه قولان للشافعي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أحدهما: لا تلزمه؛ لمفهوم هذا الحديث، وأصحهما عند أصحابنا تلزمه؛ لأنه أدرك جزءًا منه، فاستوى قليله وكثيره، ولأنه يشترط قدر الصلاة بكمالها بالاتفاق، فينبغي أن لا يفرق بين تكبيرة وركعة، وأجابوا عن الحديث بأن التقييد بركعة خرج على الغالب، فإن غالب ما يمكن معرفة إدراكه ركعة ونحوها، وأما التكبيرة فلا يكاد يُحَسُّ بها، وهل يشترط مع التكبيرة، أو الركعة إمكان الطهارة؟ فيه وجهان لأصحابنا، أصحهما أنه لا يشترط.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول بعدم وجوب الصلاة على من أدرك دون ركعة هو الأرجح عندي؛ لظاهر هذا الحديث، فمن أوجب ذلك عليه فليأتنا بنصّ، أو إجماع يصرف ظاهره، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): إذا دخل في الصلاة في آخر وقتها، فصلى ركعةً، ثم خرج الوقت، كان مدركًا لأدائها، ويكون كلها أداءً، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وقال بعض أصحابنا: يكون كلها قضاءً، وقال بعضهم: ما وقع في الوقت أداءٌ، وما بعده قضاءٌ.
وتظهر فائدة الخلاف في مسافر نوى القصر، وصلى ركعةً في الوقت،