للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: (فَلَا يَغْشَنَا فِي مَسْجِدِنَا) وفي نسخة: "فلا يغشانا في المسجد"، قال في "الفتح": قوله: "فلا يغشانا" كذا فيه بصيغة النفي التي يراد بها النهي، قال الكرمانيّ: أو على لغة من يُجرِي المعتلَّ مُجرَى الصحيح، أو أشبع الراوي الفتحة، فظُنّ أنَّها ألف، والمراد بالغشيان: الإتيان، أي فلا يأتينا. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: حاصل ما أشار إليه في توجيه إثبات ألف "يغشانا"؛ إذ الأصل أن تُحذف للجازم، إما أن نقول: إن "لا" هنا للنفي، لا للنهي، فليست جازمة، ويكون المراد بالنفي النهيَ المؤكّد، وإما أن نقول: هي ناهية، والفعل مجزوم، وإنما ثبتت الألف على لغة من يُجري المعتلّ مُجرى الصحيح، فيحذف الحركة المقدّرة، ومنه قول الشاعر [من الطويل]:

وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ … كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيرًا يَمَانِيَا

وقوله:

إِذَا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ … وَلَا تَرَضَّاهَا وَلَا تَمَلَّقِ

وذكر السيوطيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "همع الهوامع" أنه لغة، وخرّج عليها قراءة قُنبل: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} بإثبات ياء {يَتَّقِى}، وجزم {وَيَصْبِرْ}.

ويَحْتَمِل أن تكون الألف تولّدت من إشباع الفتحة، والوجه الثاني هو الأولى؛ لأن تخريج القراءة المذكورة على اللغة أولى، فتبصّر.

والحديث متّفق عليه، وقد مضى تخريجه، وبيان مسائله، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٢٦٠] (٥٦٥) - (وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (١)، قَالَ: لَمْ نَعْدُ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ، فَوَقَعْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي تِلْكَ الْبَقْلَةِ، الثُّومِ، وَالنَّاسُ جِيَاعٌ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا أَكْلًا شَدِيدًا، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الرِّيحَ، فَقَالَ: "مَنْ أَكَلَ


(١) وفي نسخة: "عن أبي سعيد الخدريّ".