للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذه البقلة الخبيثة، فلا يقْرَبَنَّ مسجدنا ثلاثًا وبَوَّب عليه: "توقيتُ النهي عن إتيان الجماعة لآكل الثوم".

وتعقّبه الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقال: وفيه نظر؛ لاحتمال أن يكون قوله: "ثلاثًا" يتعلَّق بالقول، أي قال ذلك ثلاثًا، بل هذا هو الظاهر؛ لأن علة المنع وجودُ الرائحة، وهي لا تستمرّ هذه المدة. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- حسنٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٢٥٣] (. . .) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: (ع) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسَاجِدَنَا (١)، حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا"، يَعْنِي الثُّومَ).

رجال هذا الإسناد: ستة:

وكلّهم تقدّموا، فالثلاثة الأولون تقدّموا في الباب الماضي، و"ابن نمير" هو: محمد بن عبد اللَّه بن نمير المذكور بعد التحويل، والثلاثة الباقون في السند الماضي.

وقوله: (مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ) بفتح الموحدة، وسكون القاف: واحد البَقْل، وهو: كلُّ نبات اخضرّت به الأرض، قاله ابن فارس، وأبقلت الأرض: أنبتت البَقْلَ، فهي مُبْقلةٌ على القياس، وجاء باقلةٌ على غير قياس، أفاده الفيّوميّ (٢).

وقوله: (فَلَا يَقْرَبَنَّ) بفتح أوله، وثاللَّه، ويُضمّ أيضًا، قال الفيّوميّ: قَرِبتُ الأمرَ أقرَبه، من باب تَعِبَ، وفي لغة من باب قَتِلَ قِرْبَانًا بالكسر: فَعَلته، أو دانيته، من الأول قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}، ومن الثاني: "لا تقرَبِ الْحِمَى" -رَحِمَهُ اللَّهُ-، أي لا تدنُ منه، وقال أيضًا: قَرُب الشيءُ منَّا قُربًا، وقَرَابَةً،


(١) وفي نسخة: "مسجدنا".
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٥٨.