للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالمدينة، قاله في "العمدة" (١).

(سَلَّمْنَا عَلَيْهِ) -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمراد أنهم سلّموا عليه، وهو يصلّي (فَلَمْ يَرُدَّ) بفتح الدال، ويجوز ضمّها، وكسرها (عَلَيْنَا) أي بالقول، وإلا فقد رَوَى ابن أبي شيبة من مرسل ابن سيرين أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ردّ على ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- في هذه القصّة السلام بالإشارة، أفاده في "الفتح" (٢).

(فَقُلْنَا) أي بعد الصلاة (يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ) أي قبل أن نهاجر إلى الحبشة (فَتَرُدُّ عَلَيْنَا؟) أي ترد علينا السلام بالقول، فلماذا تركت ذلك؟ (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("إِن فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا") وفي رواية أحمد: "لشُغلًا" بلام التوكيد، وأشار في هامش نسخة محمد ذهني إلى أنه موجود في بعض نسخ مسلم.

و"الشغل": بضمّ الشين، وسكون الغين المعجمتين، وبضمّهما، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اكتفى بذكر الموصوف عن الصفة، فكأنه قال: شُغْلًا كافيًا، أو مانعًا من الكلام وغيره، ويُفهم منه التفرّغ للصلاة من جميع الأشغال، ومن جميع المشوّشات، والإقبال على الصلاة بظاهره وباطنه. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: التنكير فيه يَحْتَمِل التنويع، يعني أن شغل الصلاة قراءة القرآن، والذكر، والدعاء، لا الكلام، ويَحْتَمِلُ التعظيم، أي شُغلًا، أيَّ شغل؛ لأنها مناجاة مع اللَّه تبارك وتعالى، واستغراق في خدمته، فلا تصلح للاشتغال بغيره. انتهى (٤).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: أن وظيفة المصلي الاشتغال بصلاته، وتدبّر ما يقوله، فلا ينبغي أن يُعرِّج على غيرها من ردّ السلام ونحوه. انتهى (٥).

وزاد في رواية أبي وائل المتقدّمة: "إن اللَّه يُحدث من أمره ما يشاء، وإن اللَّه قد أحدث أن لا تكلّموا في الصلاة"، وزاد في رواية كلثوم الخزاعيّ:


(١) "عمدة القاري" ٧/ ٣٩١.
(٢) "الفتح" ٣/ ٨٨.
(٣) "المفهم" ٢/ ١٤٧.
(٤) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ١٠٦٩.
(٥) "شرح النوويّ" ٥/ ٢٧.