مصابيح، لقبضت رجليّ عند إرادته السجود، ولَمَا أحوجته إلى غَمْزي (١).
[فإن قيل]: قد جعلتم أن قولها "يومئذ" المراد به الحين والزمن، فَيَحَتِمل أن تريد بذلك الوقت صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- من آخر الليل، لا كلَّ الليل، وإنما كانوا يطفئون مصابيحهم عند النوم، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث جابر -رضي اللَّه عنه- في "الصحيح": "وأطفئوا مصابيحكم"، فإنما هو عند النوم، وقد ورد أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يجلس في بيت مُظْلِم حتى يوقد له، وفي "الصحيحين" أيضًا من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- في قصة الأنصاريّ الذي نزلت فيه:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية أنه قال لامرأته: "وتَعَالي، فأطفئي السراج"، فدلّ ذلك على أنهم كانت لهم مصابيح في بيوتهم، في زمن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- غير أنها كانت تطفأ عند النوم.
[والجواب]: أن هذا وإن كان مُحْتَمِلًا إلا أن قولها: "ليس فيها مصابيح" ظاهر في مطلق النفي، وإن حدثت بعد ذلك في زمنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويدلّ على ذلك قول عائشة -رضي اللَّه عنها- في بعض طرقه إذ سئلت عن ذلك:"لو كان لنا مصباح لأكلناه"، وأما كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقعد في بيت مظلم، فهذا حديث لا يَثْبُت، وقد ضعفه ابن حبان -رَحِمَهُ اللَّهُ-، قاله في "الطرح"، وهو بحث مفيدٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإِمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال: