في ركعة بالبقرة، أو غيرها، ثم ركع نحوًا مما قرأ، ثم قام بعد أن قال:"ربنا لك الحمد" قيامًا طويلًا قريبًا مما ركع، قال النوويّ: الجواب عن هذا الحديث صَعْبٌ، والأقوى جواز الإطالة بالذكر. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا من إنصاف النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وإيثاره النصّ على مذهبه، فقد ثبت في مذهبه أنهم قالوا ببطلان الصلاة بتطويل الاعتدال، وهكذا ينبغي لمقلّدي الأئمة أن يتّبعوا النصوص وإن خالفت نصّ إمامهم؛ لأن نصوص الكتاب والسنة مضمون فيها الحقّ والصواب، لا يتطرّق إليها خلاف ذلك بوجه من الوجوه، بخلاف نصوص الأئمة، فإنها عُرْضة للخطأ والزلل، فالواجب على العاقل أن يتمسّك بالنصوص حيثما كانت، وعند من كانت، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
قال: وقد أشار الشافعيّ في "الأُمّ" إلى عدم البطلان، فقال في ترجمة "كيف القيام من الركوع": ولو أطال القيام بذكر اللَّه، أو يدعو، أو ساهيًا، وهو لا ينوي به القنوت، كرهت له ذلك، ولا إعادة، إلى آخر كلامه في ذلك.
فالعجب ممن يُصَحِّح مع هذا بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال، وتوجيهُهُم ذلك أنه إذا أطيل انتفت الموالاة مُعْتَرَضٌ بأن معنى الموالاة أن لا يتخلَّل فصلٌ طويلٌ بين الأركان بما ليس منها، وما ورد به الشرع لا يصحّ نفي كونه منها، واللَّه أعلم.
وأجاب بعضهم عن حديث البراء -رضي اللَّه عنه- أن المراد بقوله:"قريبًا من السواء" ليس أنه كان يركع بقدر قيامه، وكذا السجود والاعتدال، بل المراد أن صلاته كانت قريبًا معتدلةً، فكان إذا أطال القراءة أطال بقية الأركان، وإذا أخفّها أخفّ بقية الأركان، فقد ثبت أنه قرأ في الصبح بـ "الصافات"، وثبت في "السنن" عن أنس -رضي اللَّه عنه- أنهم حَزَرُوا في السجود قدر عشر تسبيحات، فيُحْمَل على أنه إذا قرأ بدون "الصافات"، اقتصر على دون العشر، وأقلُّه كما ورد في "السنن" أيضًا ثلاث تسبيحات. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد اتّضح بما سبق مما قاله محقّقو الشافعيّة،