روايته: فقال محمد بن مسلمة: أنشد اللَّه رجلًا يعلم حقًّا إلَّا قال.
وقوله:"أمّا" بتشديد الميم وقسيمها محذوف أيضًا.
وقوله:"نشدتنا" أي طلبت منا القول.
وقوله:"لا يسير بالسرية" الباء للمصاحبة، و"السَّرِيّة" بفتح المهملة، وكسر الراء المخففة: قطعة من الجيش، ويَحْتَمِل أن يكون صفة لمحذوف: أي لا يسير بالطريقة السَّرِية، أي العادلة، والأول أولى؛ لقوله بعد ذلك:"ولا يعدل"، والأصل عدم التكرار، والتأسيس أولى من التأكيد، ويؤيده رواية جرير وسفيان بلفظ:"ولا يَنْفِر في السرية".
وقوله:"في القضيّة": أي الحكومة، وفي رواية سفيان، وسيف:"في الرعية".
وقوله:"قال سعد"، وفي رواية جرير:"فغضب سعد"، وحكى ابن التين أنه قال له: أعليّ تسجع؟.
وقوله:"أَمَا واللَّه" بتخفيف الميم، حرف استفتاح.
وقوله:"لأدعونّ بثلاث" أي عليك، والحكمة في ذلك أنه نَفَى عنه الفضائل الثلاث، وهي: الشجاعة، حيث قال:"لا ينفر"، والعفّة حيث قال:"لا يَقْسِمُ"، والحكمةُ حيث قال:"لا يَعْدِل"، فهذه الثلاثة تتعلق بالنفس، والمال، والدين، فقابلها بمثلها، فطُولُ العمر يتعلق بالنفس، وطول الفقر يتعلق بالمال، والوقوعُ في الفتن يتعلق بالدين، ولما كان في الثنتين الأُوليين ما يمكن الاعتذار عنه، دون الثالثة قابلهما بأمرين دنيويين، والثالثة بأمر دينيّ، وبيان ذلك أن قوله:"لا يَنْفِر بالسَّرِيَّة" يمكن أن يكون حقًّا، لكن رأى المصلحة في إقامته؛ ليرتب مصالح من يغزو ومن يقيم، أو كان له عذر، كما وقع له في القادسية، وقوله:"لا يَقْسِم بالسوية" يمكن أن يكون حقًّا، فإن للإمام تفضيلَ أهل الغَنَاء في الحرب، والقيام بالمصالح، وقوله:"لا يَعْدِل في القَضِيّة"، هو أشدّها؛ لأنه سَلَبَ عنه العدل مطلقًا، وذلك قَدْحٌ في الدين، ومن أعجب العَجَب أن سعدًا مع كون هذا الرجل واجهه بهذا، وأغضبه حتى دعا عليه في حال غضبه، راعَى العدل والإنصاف في الدعاء عليه؛ إذ عَلَّقه بشرط أن يكون كاذبًا، وأن يكون الحامل له على ذلك الغَرَضَ الدنيويّ.