للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(مَا) نافية (أَخْرِمُ عَنْهَا) بفتح أوله، وكسر الراء: أي لا أنقُصُ، قال في "الفتح": وحَكَى ابن التين عن بعض الرواة أنه بضمّ أوله، واستضعفه (إِنِّي لَأَرْكُدُ بِهِمْ) بفتح أوله، وضمّ ثالثه، يقال: رَكَدَ الماءُ رُكُودًا، من باب قَعَدَ: سَكَنَ، وأركدته: أسكنته، ورَكَدت السفينة: وقَفَت، فلا تجري، قاله الفيّوميّ (١)، قال القَزّاز: "أَرْكُد" أي أُقيم طويلًا، أي أُطَوِّل فيهما القراءة.

وقال النوويّ: قوله: "لأركُد بهم" يعني أُطَوِّلهما، وأديمهما، وأَمُدُّهما، كما قاله في الرواية الأخرى، من قولهم: رَكَدَت السُّفُنُ، والريح، والماء: إذا سَكَنَ ومَكَثَ. انتهى (٢).

ويَحْتَمِل أن يكون التطويل بما هو أعمّ من القراءة، كالركوع والسجود، لكن المعهود في التفرقة بين الركعات، إنما هو في القراءة وسيأتي في الرواية التالية، من رواية أبي عون، عن جابر بن سَمُرة: "أَمُدّ في الأوليين، وأَحذف في الأخريين" (٣).

(فِي الْأُولَيَيْنِ) بضم الهمزة: تثنية الأولى، أي في الركعتين الأوليين.

(وَأَحْذِفُ) بفتح الهمزة، وسكون الحاء المهملة، وكسر الذال المعجمة، أي أحذف التطويل، وليس المراد حذف أصل القراءة، ووقع في رواية البخاريّ بدله: "وأُخِفّ" بضم أوله، وكسر الخاء المعجمة، وتشديد الفاء، وهو بمعناه.

ووقع عند الإسماعيليّ من رواية محمد بن كثير، عن شعبة بلفظ: "أحذم" بالميم موضع الفاء، من حذم يَحْذِم حَذْمًا: إذا أسرع (٤).

(فِي الْأُخْرَيَيْنِ) تثنية الأخرى، يعني أنه يقصرهما عن الأوليين، لا أنه يُخِلّ بالقراءة، ويَحذفها كلّها، قاله النوويّ، وقال في "الفتح": والمراد بالحذف حذف التطويل، لا حذف أصل القراءة، فكأنه قال: أَحْذِف تطويل القراءة.

(فَقَالَ) عمر -رضي اللَّه عنه- (ذَاكَ) إشارة إلى ما ذكره من كيفيّة صلاته كصلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فـ "ذاك" مبتدأ خبره قوله: (الظَّنُّ بِكَ) وفي رواية: ظنّي بك (أَبَا إِسْحَاقَ) بحذف حرف النداء، كقوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} الآية [يوسف: ٢٩]، قال الحريريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "مُلْحَته":


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٣٧.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ١٧٦.
(٣) راجع: "الفتح" ٢/ ٢٧٩.
(٤) راجع: "عمدة القاري" ٦/ ٩.