للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

و"المصحف" مثلّث الميم، من أُصْحِف بالضمّ: أي جُعِلت فيه الصُّحُف، قاله في "القاموس" (١).

وذكر الأبيّ أن المصحف من لفظ الراوي؛ لأنه لم يكن حينئذ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: فيما قاله الأبيّ نظر لا يخفى؛ لأن المصحف كان موجودًا حينما حدّث أنسٌ -رضي اللَّه عنه- بهذا الحديث؛ إذ هو موجود من عهد الخلفاء -رضي اللَّه عنهم-، فتشبيهه بالمصحف للذين يروي لهم الحديث واضحٌ، ولم يُرد تشبيهه بمصحف كان حين رؤية وجهه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما لا يخفى، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ضَاحِكًا) حال مؤكّد لتبسّم، كما قال في "الخلاصة":

وَعَامِلُ الْحَالِ بِهَا قَدْ أُكِّدَا … فِي نِحْوِ لَا تَعْثَ فِي الأرْضِ مُفْسِدَا

قال في "المصباح": بَسَمَ بَسْمًا، من باب ضَرَبَ: ضَحِكَ قليلًا من غير صَوْتٍ، وابْتَسَمَ وَتبَسَّمَ كذلك، ويقال: هو دون الضَّحِك. انتهى (٣).

وفي "اللسان": التبسُّمُ: أقلّ الضحك وأحسنه، وفي التنزيل: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل: ١٩] قال الزجّاج: التبسّم أكثر ضحِك الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وقال الليث: بَسَمَ يَبْسِمُ بَسْمًا: إذا فَتَح شفتيه كالمكاشر. انتهى (٤).

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: سبب تبسمه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَرَحه بما رأى من اجتماعهم على الصلاة، واتّباعهم لإمامهم، وإقامتهم شريعته، واتفاق كلمتهم، واجتماع قلوبهم، ولهذا استنار وجهه -صلى اللَّه عليه وسلم- على عادته إذا رأى أو سمع ما يَسُرُّه يَستنير وجهه، وفيه معنى آخر، وهو تأنيسهم، وإعلامهم بتماثل حاله في مرضه، وقيل: يَحْتَمِل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج ليصلّي بهم، فرأى من نفسه ضعفًا فرجع. انتهى (٥).


(١) "القاموس المحيط" ٣/ ١٦١.
(٢) "شرح الأبيّ" ٢/ ١٧٦.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٤٩.
(٤) "لسان العرب" ١٢/ ٥٠.
(٥) "شرح النوويّ" ٤/ ١٤٢.