للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَتْ: لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِي أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَإِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَرَى أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ أَحَدٌ، إِلَّا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ أَبِي بَكْرٍ).

رجال هذا الإسناد: هم الذين تقدّموا في السند الماضي.

وقولها: (لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي ذَلِكَ) أي شأن إمامة أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، لَمّا أمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن يؤمّ الناس.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي مراجعة عائشة -رضي اللَّه عنها- جواز مراجعة وليّ الأمر على سببيل العَرْض والمشاورة، والإشارة بما يَظهَر أنه مصلحةٌ، وتكون تلك المراجعة بعبارة لطيفة، ومثل هذه المراجعة مراجعةُ عمر -رضي اللَّه عنه- في قوله: "لا تبَشّرهم، فَيَتَّكِلوا"، وأشباهه كثيرةٌ مشهورةٌ. انتهى (١).

وقولها: (وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ) "ما" نافيةٌ، و"حملني" مبنيّ للفاعل، وفاعله قولها: "إِلا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ. . . إلخ"، و"إلا" أداة استثناء مُلغاة، و"أنه" بفتح الهمزة؛ لوقوعها موقع المصدر، كما قال في "الخلاصة":

وَهَمْزَ "إِنَّ" افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ … مَسَدَّهَا وَفِي سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ

فهنا وقعت فاعلًا، أي ما حملني إلا عدم وقوع محبة الناس.

وقولها: (أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا) "أن" مصدريّةٌ، والفعل مبنيّ للفاعل، وهو في تأويل المصدر فاعل "يقع".

وقولها: (وَإِلَّا أَنِّي كُنْتُ. . . إلخ) بفتح همزة "أن"، وهو عطفٌ على "إلا أنه. . . إلخ".

وقولها: (أَرَى) بفتح أوله، أي أعتقد، ويَحتَمل أن يكون بضمّ أوله بصيغة المبنيّ للمفعول، بمعنى أَظُنُّ.

وقولها: (مَقَامَهُ) أي مقام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقولها: (إِلَّا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ) أي يتطيّروا به، والتشاؤم: ضدّ التيامن.


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٤٠.