للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صلى نَفْلًا، والأقرب أنَّها تحية المسجد، وفي رواية النسائيّ المذكورة: "وقد كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْمُقُه في صلاته"، زاد في رواية إسحاق بن أبي طلحة: "ولا نَدْرِي ما يَعِيب منها؟ "، وفي رواية من طريق الليث، عن ابن عجلان: "يَرْمُقُهُ، ونحن لا نشعر"، وهذا محمول على حالهم في المرة الأولى، وهو مختصر من الذي قبله، كأنه قال: "ولا نشعر بما يعيب منها"، أفاده في "الفتح" (١).

(ثُمَّ جَاءَ) أي الرجل الذي صلّى (فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي رواية البخاريّ من طريق أبي أسامة: "فجاء، فسلّم"، وهي أولى؛ لأنه لَمْ يكن بين صلاته ومجيئه تَرَاخٍ (فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- السَّلَامَ) وفي نسخة: "فردّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه السلام"، وفي رواية للبخاريّ في "الاستئذان" من طريق ابن نمير: "فقال: وعليك السلام".

قال في "الفتح": وفي هذا تعقّب على ابن الْمُنَيِّر حيث قال: فيه أن الموعظة في وقت الحاجة أهمّ من ردّ السلام، ولعله لَمْ يردّ عليه السلام تأديبًا على جهله، فيؤخذ منه التأديب بالهجر وترك السلام. انتهى.

قال الحافظ: والذي وقفنا عليه من نسخ "الصحيحين" ثبوت الردّ في هذا الموضع وغيره، إلَّا الذي في "الإيمان والنذور" عند البخاريّ، وقد ساق الحديث صاحب "العمدة" بلفظ الباب إلَّا أنه حذف منه: "فرَدَّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فلعل ابن الْمُنيِّر اعتمد على النسخة التي اعتمد عليها صاحب "العمدة". انتهى (٢).

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("ارْجِعْ، فَصَلِّ) وفي رواية ابن عجلان: "أَعِدْ صلاتك" (فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ") الفاء للتعليل؛ أي لأنك لَمْ تصلِّ، أي لَمْ تُوجِدْ حقيقة الصلاة المطلوبة منك شرعًا، فهو نفي للحقيقة؛ لانتفاء الطُّمانينة التي هي ركن من أركانها، أو أن المراد لَمْ تصحّ صلاتك، فيكون النفي راجعًا للصفة؛ خلافًا لمن قال: إنه نفيٌ للكمال؛ لأن النفي يتوجّه للحقيقة إذا أمكن كما هنا، وإلا يتوجّه لأقرب صفة للحقيقة؛ كالصحّة، لا الكمال (٣).


(١) "الفتح" ٢/ ٣٢٤.
(٢) المصدر السابق.
(٣) راجع: "المنهل العذب المورود في شرح سنن أبي داود" ٥/ ٣٠٠.