للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بَكْرٍ) - رضي الله عنه -، وإنما لم تقل: أبي؛ تنبيهًا على أنه لم يُراعِ حقّ الأبوّة من شدّة غضبه في الله عزَّ وجلّ (وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي) جملة في محلّ نصب على الحال، من فاعل "جاء"، والرابط الواو.

و"الْفَخِذ" من الأعضاء مؤنّثة، وفيها أربع لغات: فتح الفاء، وكسر الخاء المعجمة، وكسرهما، وفتح الأول وكسره، مع سكون الثاني فيهما، وكذا كلّ ثلاثيّ عينه حرف حلق تجوز فيه اللغات الأربع، سواء كان اسمًا؛ كفخذ، أم فعلًا، كشَهِدَ؛ فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقولها: (قَدْ نَامَ) جملة في محلّ نصب أيضًا على الحال من فاعل "واضع"، فيكون من الأحوال المتداخلة، أي حال كونه نائمًا (فَقَالَ) أي أبو بكر - رضي الله عنه - (حَبَسْتِ) بفتح الموحّدة، من باب ضرب (رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بالنصب على المفعوليّة (وَالنَّاسَ) بالنصب عطفًا على المفعول، أو على أنه مفعول معه، كما قال في "الخلاصة":

يُنْصَبُ تَالِي الْوَاوِ مَفْعُولًا مَعَهْ … فِي نَحْوِ سِيرِي وَالطَّرِيقَ مُسْرِعَهْ

(وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها - (فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه -، أي لامني على الحبس المذكور.

قال الفيّوميّ رحمه اللهُ: عَتَب عليه عَتْبًا، من بابي ضرب وقَتَل، ومَعْتِبًا أيضًا: لامه في تسخّطٍ، فهو عاتبٌ، وعَتّابٌ مبالغةٌ، قال: قال الخليل: حقيقة العتاب: مخاطبة الإدلال، ومذاكرة الْمَوْجِدَة. انتهى (١).

قال في "الفتح": والنكتة في قول عائشة - رضي الله عنها -: "فعاتبني أبو بكر"، ولم تقل: أبي؛ لأن قضية الأُبُوَّة الْحُنُوّ، وما وقع من العِتَاب بالقول، والتأديب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر، فلذلك أنزلته منزلة الأجنبيّ، فلم تقل: أبي. انتهى (٢).

(وَقَالَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ) أي من اللوم والعتاب، كما جرت به عادة الأب مع ابنته، ومن جملة ما قاله لها في ذلك ما في رواية عمرو بن الحارث: "فقال: حبست الناس في قلادة"، أي بسببها، وما عند الطبرانيّ من قوله: "في كل مرة تكونين عَنَاءً".


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٩١.
(٢) "الفتح" ١/ ٥١٦.