قُدَيد والساحل، وهذه القصة كانت من ناحية خيبر؛ لقولها في الحديث:"حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش"، وهما بين المدينة وخيبر، كما جزم به النوويّ.
قال الحافظ: وما جزم به مخالف لما جزم به ابنُ التين، فإنه قال: البيداء هي ذو الحليفة، بالقرب من المدينة من طريق مكة، قال:"وذاتُ الجيش" وراء ذي الحليفة، وقال أبو عبيد البكريّ في "معجمه": البيداء أدنى إلى مكة من ذي الحليفة، ثم ساق حديث عائشة هذا، ثم ساق حديث ابن عمر، قال:"بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها، ما أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند المسجد … " الحديث، قال: والبيداء هو الشرف الذي قُدّام ذي الحليفة في طريق مكة، وقال أيضًا:"ذاتُ الجيش" من المدينة على بَرِيد، قال: وبينها وبين العَقِيق سبعة أميال، والعقيقُ من طريق مكة، لا من طريق خيبر، فاستقام ما قال ابن التين.
ويؤيده ما رواه الحميديّ في "مسنده" عن سفيان، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، في هذا الحديث، فقال فيه: إن القلادة سقطت ليلة الأبواء. انتهى.
و"الأبواء" بين مكة والمدينة، وفي رواية عليّ بن مسهر في هذا الحديث، عن هشام، قال: وكان ذلك المكان يقال له: الصُّلْصُل، رواه جعفر الفريابيّ في "كتاب الطهارة" له، وابن عبد البرّ من طريقه.
و"الصُّلْصُل" بمهملتين مضمومتين، ولامين الأولى ساكنة بين الصادين، قال البكريّ: هو جبل عند ذي الحليفة، كذا ذكره في حرف الصاد المهملة، وَوَهِمَ مغلطاي في فهم كلامه، فزَعَم أنه ضبطه بالضاد المعجمة، وقلَّده في ذلك بعض الشراح وتصرّف فيه، فزاده وَهَمًا على وَهَم، وعُرِف من تضافر هذه الروايات تصويب ما قاله ابن التين.
واعتَمَد بعضهم في تعدد السفر على رواية للطبرانيّ صريحة في ذلك، كما سيأتي. انتهى (١).