قال الجامع عفا الله عنه: بل هذا القول هو الراجح؛ لأنه لا دليل على تحريم نظرها إليه، بل الأدلّة على الجواز كثيرة:
(فمن أقوى الأدلّة) على جواز نظرها إلى وجهه أن الأمة مجمعة على جواز خروج الرجال إلى أعمالهم بثياب المهنة، كالسراويل، والقميص، والإزار، وكانت النساء ينظرن إليهم، بلا نكير، ولا جاء أمر من الشارع بتستر الرجال لئلا يراهم النساء.
(ومنها): ما في "الصحيحين" عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"رأيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يسترني، وأنا أنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون في المسجد … ".
(ومنها): ما أخرجاه أيضًا من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في قصّة الخثعميّة: وفيه: فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، وجعل النبيّ يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر … الحديث.
والشاهد أنه - صلى الله عليه وسلم - ما منعها أن تنظر إلى وجوه الرجال الحاضرين لديه، وإنما صرف وجه الفضل؛ خشية الفتنة، وغير ذلك من الأدلة، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
قال: ولا فرق أيضًا بين الأمة والحرة إذا كانتا أجنبيتين، وكذلك يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة، سواء كان نظره بشهوة أم لا، سواء أمن الفتنة أم خافها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين، نَصّ عليه الشافعيّ، وحذاق أصحابه رحمهم الله تعالى، ودليله أنه في معنى المرأة، فإنه يُشْتَهَى كما تُشتَهى، وصورته في الجمال كصورة المرأة، بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر، وهو أنه يتمكن في حقهم من طُرُق الشرّ ما لا يتمكن من مثله في حق المرأة. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قرّر النووي مسألة النظر إلى الأمرد على هذا الوجه الغريب، فهل هذا نصّ كتاب الله تعالى، أو جاء شيء من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن النظر إلى الأمرد، مع كثرة الْمُرْد في حضرته - صلى الله عليه وسلم - وفي عهده؟، هذا شيء عجيب!!.
قال: وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسائل، من تحريم النظر هو