للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن إسحاق: كان أنسب العرب. وقال العجليّ: كان أعلم قريش بأنسابها. وقال ابن إسحاق في "السيرة الكبرى": كان أبو بكر رجلًا مُؤَلَّفًا (١) لقومه، مُحَبَّبًا سَهْلًا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلمهم بما كان منها من خير أو شر، وكان تاجرًا ذا خُلُق ومعروف، وكانوا يألفونه لعلمه وتجاربه، وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام من وَثِقَ به، فأسلم على يديه عثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وفي تاريخ محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن سالم بن أبي الْجَعْد، قلت لمحمد بن الحنفية: لأيّ شيء قُدِّم أبو بكر حتى لا يُذكرَ فيهم غيره؟ قال: لأنه كان أفضلَهم إسلامًا حين أسلم، فلم يزل كذلك حتى قبضه الله، وأخرج أبو داود في "الزهد" بسند صحيح عن هشام بن عروة، أخبرني أبي قال: أسلم أبو بكر، وله أربعون ألف درهم، قال عروة: وأخبرتني عائشة أنه مات، وما ترك دينارًا ولا درهمًا. وقال يعقوب بن سفيان في "تاريخه": حدثنا الْحُمَيْدِيّ، حدثنا سفيان، حدثنا هشام، عن أبيه: أسلم أبو بكر، وله أربعون ألفًا، فأنفقها في سبيل الله، وأعتق سبعةً كلهم يُعَذَّب في الله، أعتق بلالًا، وعامر بن فُهَيرة، وَزُنَّيْرَة (٢)، والنهدية، وابنتها، وجاريةَ بني المؤمل، وأم عُبيس، وأخرج الدارقطني في "الأفراد" من طريق أبي إسحاق، عن أبي يحيى، قال: لا أُحصي كم سمعت عليًّا يقول على المنبر: إن الله عز وجل سَمَّى أبا بكر على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - صِدِّيقًا.

ومن أعظم مناقبه - رضي الله عنه - قول الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} الآية [التوبة: ٤٠]، فإن المراد بصاحبه أبو بكر بلا نزاع، ولا يُعتَرضُ بأنه لم يتعين؛ لأنه كان مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة عامر بن فُهَيرة، وعبد الله بن أبي بكر، وعبد الله بن أُرَيقط الدَّلِيل؛ لأنا نقول: لم يصحبه في الغار سوى أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لأن عبد الله بن أبي بكر استَمَرَّ بمكة،


(١) هكذا النسخة، ولعله "مألوفًا".
(٢) ضبطها في "الإصابة" بكسر أولها، وتشديد النون المكسورة، بعدها تحتانية ساكنة. اهـ ٨/ ١٥٠.