رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا انتعل أحدكم، فليبدأ باليمين، وإذا نَزَع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع".
ففيه تنبيه على أن كلّ ما كان من باب التشريفما فهو باليمين، وما كان بخلافه فهو بالشمال، فدخول المسجد من الأول بخلاف الخروج منه، والخلاء بالعكس، وبالجملة فعناية الشارع بمثل هذا مما لا يخفى على من تأمّله بالإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
[تنبيه]: قال ابن الملقّن رحمه الله: يدخل في عموم قوله: "في شأنه كله" الأحوال التي أسلفناها، ومنها الأخذ والعطاء، ومنها السواك، كما قدّمناه، ومذهب أحمد استحبابه باليسار؛ لأنه إزالة مستقذر، فكان كالحجر في الاستنجاء، ونُقِل عن القرطبيّ أيضًا، ويردّه رواية أبي داود في هذا الحديث في "اللباس": "وسواكه"، زادها مسلم بن إبراهيم أحد رواته عن شعبة، ثم قال أبو داود: رواه عن شعبة معاذ، لم يذكر "سواكه".
وقال الترمذيّ الحكيم: والاستياك باليسار إلا من علّة من فعل الشيطان، قال: وقد روي مرفوعًا: "الشيطان يأكل بيساره، ويشرب بيساره، ويعمل الأعمال بيساره، فاجتنبوا الأعمال بها إلا من علّة"(١).
ولأن في السواك تعبّدًا حيث أُمر به، فهو من باب التكريم، فيُفعل باليمين، كالأكل والشرب.
[فإن قلت]: كان ينبغي التفصيل بين حالة التغير، فيكون باليسار، وبين عدمها، فيكون باليمين.
[أجيب]: بأن إطلاق أحاديث الترغيب في السواك يردّ هذا التفصيل،
(١) هكذا أورده ابن الملقّن، ولم يذكر سنده حتى يُنظر فيه، ولكن يغني عنه ما تقدّم لمسلم، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وما أخرجه أحمد في "مسنده" (٢/ ٣٢٥) وابن ماجه في "سننه" (٢/ ٣٠٢) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليأكل أحدكم بيمينه، وليشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه، وليعط بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويعطي بشماله، ويأخذ بشماله".