للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجَمَل مع عائشة، وأخوه محمد مع عليّ. وأخرج البخاريّ من طريق يوسف بن ماهَك: كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية، فَخَطَب، فذَكَر يزيد بن معاوية لكي يُبَايَعَ له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئًا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة، فقال مروان: هذا الذي أَنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: ١٧]، فأنكرت عائشة ذلك من وراء الحجاب. وأخرجه النسائيّ، والإسماعيليّ، من وجه آخر مطولًا، فقال مروان: سنةُ أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن: سنة هِرَقْل وقَيْصَر، وفيه: فقالت عائشة: والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته. وأخرج الزبير، عن عبد الله بن نافع، قال: خَطَب معاوية، فدعا الناس إلى بيعة يزيد، فكلَّمه الحسين بن عليّ، وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فقال له عبد الرحمن: أهرقليةٌ؟ كلما مات قيصر كان قيصر مكانه، لا نفعل والله أبدًا، وخَرَج إلى مكة، فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد، وكان موته فَجْأَةً، من نومة نامها بمكان على عشرة أميال من مكة، فحُمِل إلى مكة، ودُفِن بها، ولما بلغ عائشة خبره خرجت حاجةً، فوقفت على قبره، فبكت، وأنشدت أبيات مُتَمِّم بن نُوَيرة في أخيه مالك، ثم قالت: لو حضرتك دفنتك حيث مِتّ، ولَمَا بكيتك (١).

وقال ابن جريج، عن ابن أبي مُلَيكة: تُوُفِّي عبد الرحمن بِحُبْشيّ (٢)، وهو على اثني عشر ميلًا من مكة، فحُمِل إلى مكة، فدُفِن بها، وقال ابن سعد، وغير واحد: كان ذلك سنة ثلاث وخمسين، وقال يحيى بن بكير: سنة (٥٤)، وقال أبو نعيم: مات في نَوْمَةٍ نامها سنة (٣) وقيل: (٥) وقيل: سنة ست وخمسين، وقال أبو زرعة الدِّمَشقيّ: تُوُفي بعد مُنْصَرَف معاوية من المدينة في قَدْمَته التي قَدِمَ فيها لأخذ البيعة ليزيد، وتُوُفّيت عائشة بعد ذلك بيسير سنة (٥٩).

وقال العسكريّ: هو أول مَن مات من أهل الإسلام فَجْأَةً، وأَرَّخ ابنُ حبّان وفاته تبعًا للبخاريّ سنة (٥٨). وقال أبو الفرج الأصبهانيّ: لم يُهاجر عبد الرحمن مع أبيه؛ لصغره، وخَرَج قبل الفتح مع فِتْية من قريش، وقيل: بل


(١) راجع "الإصابة" ٤/ ٢٧٥ - ٢٧٦.
(٢) بضم الحاء المهملة، وسكون الموحّدة: جبل بأسفل مكة على ستة أميال منها.