ابن عباس. وقال ابن مسعود أيضًا: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا أحد. وَرَوَى ابن أبي خيثمة بسند فيه جابر الجعفي أن ابن عمر كان يقول: ابنُ عباس أعلم أمة محمد بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -. وروى ابن سعد بسند صحيح أن أبا هريرة قال - لما مات زيد بن ثابت -: مات اليوم حبر الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفًا. وقال ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت مثل ابن عباس قط.
وقال يزيد بن الأصمّ: خرج معاوية حاجًّا، وخرج ابن عباس حاجًّا، فكان لمعاوية موكب، ولابن عباس ممن يطلب العلم موكب. وقالت عائشة: هو أعلم الناس بالحج. وروى الزبير بن بكار في كتاب "الأنساب" بسند له فيه ضعف عن ابن عمر قال: كان عمر يدعو ابن عباس، ويُقَرِّبه، ويقول: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاك يومًا، فمسح رأسك، وتفل في فيك، وقال:"اللهم فَقِّهه في الدين، وعلمه التأويل". ورَوَى أحمد هذا المتن بسند لا بأس به، من طريق عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به، وبعضه في "الصحيح". ورواه الطبرانيّ بمعناه من طريق ميمون بن مِهْران، عن ابن عباس نحوه. وعند أبي نعيم بسند له عن عبد الله بن بُريدة، عن ابن عباس قال: انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعنده جبريل، فقال له جبريل: إنه كائن حبرَ هذه الأمة، فاستوصِ به خيرًا.
[فائدة]: رُوي عن غُندَر أن ابن عباس لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا تسعة أحاديث. وعن يحيى القطان: عشرة. وقال الغزالي في "المستصفى" أربعة: وكلُّ هذا فيه نظر، ففي "الصحيحين" عن ابن عباس مما صرح فيه بسماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من عشرة، وفيهما مما شَهِدَ فعله نحوُ ذلك، وفيهما مما له حُكمُ الصريح نحوُ ذلك، فضلًا عما ليس في "الصحيحين".
قال السخاويّ رحمه الله تعالى: وقد اعتنى شيخنا - يعني الحافظ ابن حجر - بجمع الصحيح والحسن فقط مما صرّح فيه ابن عباس بالسماع، فزاد على الأربعين، سوى ما هو في حكم السماع، كحكاية حضور شيء فُعِل بحضرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، انتهى (١).