وأما الرابع، والخامس، وهو أمر أبي طالب ولديه باتباعه، فتركُهُ ذلك، هو من جملة العناد، وهو أيضًا من حسن نصرته له، وذَبِّه عنه، ومعاداته قومه بسببه.
وأما قول أبي بكر فمراده: لأنا كنت أشدّ فرحًا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي، أي لو أسلم، ويبَيِّن ذلك ما أخرجه أبو قُرّة، موسى بن طارق، عن موسى بن عُبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة، يقوده يوم فتح مكة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟ " قال أبو بكر: أردت أن يأجره الله، والذي بعثك بالحقّ لأنا كنت أشدّ فرحًا بإسلام أبي طالب، لو كان أسلم مني بأبي.
وذكر ابن إسحاق أن عُمَر لما عارض العباس في أبي سفيان لَمّا أقبل به ليلة الفتح، فقال له العباس: لو كان من بني عديّ ما أحببت أن يُقْتَل، فقال عمر: أنا بإسلامك إذ أسلمت أفرح مني بإسلام الخطاب، يعني: لو كان أسلم.
ثم ذَكَر الرافضيّ من طريق راشد الْحِمّاني، قال: سئل أبو عبد الله، يعني جعفر بن محمد الصادق: مَنْ أهلُ الجَنَّة؟، فقال: الأنبياء في الجَنَّة، والصالحون في الجَنَّة، والأسباط في الجَنَّة، وأجلُّ العالمين مجدًا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقدُم آدم، فمن بعده من آبائه، وهذه الأصناف يحدثون به، ويحشر عبد المطلب به نور الأنبياء، وجمال الملوك، ويحشر أبو طالب في زمرته، فإذا ساروا بحضرة الحساب، وتبوأ أهل الجَنَّة منازلهم، ودُحر أهل النار ارتفع شهاب عظيم، لا يَشُكّ من رآه أنه غيم من النار، فيحضر كلّ من عرف ربه من جميع الملل، ولم يعرف نبيه، ومن حُشِر أمة وحده، والشيخ الفاني، والطفل، فيقال لهم: إن الجبار تبارك وتعالى يأمركم أن تدخلوا هذه النار، فكل من اقتحمها خَلَص إلى أعلى الجَنَّة، ومن كعَّ عنها غشيته. أخرجه عن أبي بشر، أحمد بن إبراهيم بن يعلى بن أسد، عن أبي صالح الحمادي، عن أبيه، عن جده، سمعت راشد الحماني، فذكره.
وهذه سلسلة شيعية غُلاة في رفضهم، والحديث الأخير وَرَد من عدة طُرُق في حق الشيخ الهَرِم، ومن مات في الفترة، ومن وُلد أكمه، أعمى أصم، ومن