للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغنى؛ لأن مضرة الفقر دنيوية غالبًا، ومضرة الغنى دينية غالبًا. انتهى (١).

(وَلكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا بُسِطَتْ) ببناء الفعل للمفعول في الموضعين، (عَلَى مَنْ كَانَ قبْلَكُمْ)؛ أي: من الأمم السابقة، (فَتَنَافَسُوهَا) أصله تتنافسوها، فحُذفت إحدى التاءين تخفيفًا، كقوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، وقد تقدّم غير مرّة، والتنافس من المنافسة، وهي الرغبة في الشيء، ومحبة الانفراد به، والمغالبة عليه، وأصلها من الشيء النفيس في نوعه، يقال: نافست في الشيء منافسةً، ونَفاسةً، ونَفاسًا، ونَفُس الشيء بالضم نَفاسةً: صار مرغوبًا فيه، ونَفِستُ به بالكسر: بَخِلت، ونَفِست عليه: لم أره أهلًا لذلك.

(كَمَا تَنَافَسُوهَا) قال القرطبيّ: أي: تتحاسدون فيها، فتختلفون، وتتقاتلون، فيُهلك بعضكم بعضًا، كما قد ظهر ووُجد، وقد سَمّى في هذا الحديث التحاسد تنافسًا توسُّعًا؛ لِقُرب ما بينهما. (وَتُهْلِكَكُمْ كمَا أَهْلَكَتْهُمْ")؛ أي: لأن المال مرغوب فيه، فترتاح النفس لِطَلَبه، فتمنع منه، فتقع العداوة المقتضية للمقاتلة المفضية إلى الهلاك، قال ابن بطال: فيه أن زهرة الدنيا ينبغي لمن فُتحت عليه أن يحذر من سوء عاقبتها، وشر فتنتها، فلا يطمئنّ إلى زخرفها، ولا ينافس غيره فيها، ويُستدل به على أن الفقر أفضل من الغنى؛ لأن فتنة الدنيا مقرونة بالغنى، والغنى مظنة الوقوع في الفتنة التي قد تجرّ إلى هلاك النفس غالبًا، والفقير آمن من ذلك (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عمرو بن عوف - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٧٣٩٥ و ٧٣٩٦] (٢٩٦١)، و (البخاريّ) في "الجزية" (٣١٥٨) و"المغازي" (٤٠١٥) و"الرقاق" (٦٤٢٥)، و (الترمذيّ) في


(١) "الفتح" ١٤/ ٥١٥.
(٢) "الفتح" ١٤/ ٥١٥ - ٥١٦، "كتاب الرقاق" رقم (٦٤٢٥).