للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على أخيها الكوفةَ، وهو أميرها، فرَوَى عنها الشعبيّ قصّةَ الجسّاسة بطولها، فانفردت بها مطوّلة، وتابعها جابرٌ وغيره.

(وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ)؛ أي: النساء اللاتي هاجرن في أوائل الهجرة إلى المدينة، (فَقَالَ) الشعبيّ: (حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِهِ) هذا هو الجاري على اللغة، ووقع في بعض النسخ: "سمعتيه" بزيادة الياء، وفيه إشكال. (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لَا تُسْنِدِيهِ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَقَالَتْ) فاطمة: (لَئِنْ شِئْتَ لأَفْعَلَنَّ)؛ أي: لأحدّثنّك حديثًا سمعته منه -صلى اللَّه عليه وسلم- بلا واسطة. (فَقَالَ) الشعبيّ (لَهَا)؛ أي: لفاطمة، (أَجَلْ) كنعم وزنًا ومعنًى، (حَدِّثِينِي) حديثًا بهذا الوصف. (فَقَالَتْ) فاطمة: (نَكَحْتُ ابْنَ الْمُغِيرَةِ) هو: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ، زوج فاطمة بنت قيس، وهو ابن عمّ خالد بن الوليد بن المغيرة، وقيل: هو أبو حفص بن عمرو بن المغيرة، وأمه دُرّد بنت خُزَاعيّ الثقفيّة، وكان خرج مع عليّ إلى اليمن في عهد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمات هناك، ويقال: بل رجع إلى أن شَهِد فتوح الشام، ذكر ذلك عليّ ابن رَبَاح، عن ناشرة بن سُميّ، سمعت عمر يقول: إني معتذرٌ لكم من عزل خالد بن الوليد، فقال أبو عمرو بن حفص: عزلت عنّا عاملًا استعمله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر القصّة، أخرجه النسائيّ، وقال البغويّ: سكن المدينة، أفاده في "الإصابة" (١).

واختلفوا في اسمه، والأكثرون على أن اسمه عبد الحميد، وقال النسائيّ: اسمه أحمد، وقال آخرون: اسمه كنيته، قاله النوويّ (٢).

(وَهُوَ) ابن المغيرة (مِنْ خِيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ)؛ أي: يوم إذ تزوّجني، (فَأُصِيبَ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) ظاهر هذا الكلام أنه استُشهد في الجهاد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس كذلك، فإنه لم يُستشهد في غزوة غزاها معه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتأول بعض العلماء بأن المراد من قولها: "أُصيب" أنه أصيب بجراحات، لا أنه مات في الجهاد، وإنما ذكرته فاطمة لبيان فضائله، لا لسبب بينونتها منه، وذكر الحافظ في "الفتح" أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعثه مع عليّ إلى


(١) راجع: "الإصابة" ١١/ ٢٦٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ٩٤ - ٩٥.