للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يكون الحمد مضافًا للفاعل، والمراد من الحمد لازِمه، أو ما يوجب الحمد من التوفيق ونحوه، ويَحْتَمِل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف، متقدم، والتقدير: وأثني عليه بحمده، فيكون "سبحان اللَّه" جملة مستقلة، و"بحمده" جملة أخرى.

وقال الخطابيّ في حديث: "سبحانك اللَّهُمَّ ربنا وبحمدك"؛ أي: بقوّتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدك سبّحتك، لا بحولي وبقوتي، كأنه يريد أن ذلك مما أقيم فيه السبب مقام المسبَّب، قاله في "الفتح" (١).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّه-: فيه تلميح إلى قوله تعالى، حكاية عن الملائكة: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} الآية [البقرة: ٣٠]، ويمكن أن يكون "سبحان اللَّه وبحمده" مختصرًا من الكلمات الأربع: "سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر"؛ لِمَا سبق أن "سبحان اللَّه" تنزيه لذاته عما لا يليق بجلاله، وتقديس لصفاته من النقائص، فيندرج فيه معنى "لا إله إلا اللَّه"، وقوله: "وبحمده" صريح في معنى "الحمد للَّه"؛ لأن الإضافة فيه بمعنى اللام في الحمد، ويستلزم ذلك معنى "اللَّه أكبر"؛ لأنه إذا كان كل الفضل، والإِفضال للَّه، ومن اللَّه، وليس من غيره شيء من ذلك، فلا يكون أحد أكبر منه.

[فإن قلت]: يلزم من هذا أن يكون التسبيح أفضل من التهليل.

[قلت]: لا يلزم ذلك؛ إذ التهليل صريح في التوحيد، والتسبيح متضمن له، ولأن نفي الإلهية في قول "لا إله" نفي لمضمونها من الخالقية، والرازقية، والإثابة، والمعاقبة، وقوله: "إلا اللَّه" إثبات لذلك، ويلزم منه نفي ما يضادّ الإلهية، ويخالفها من النقائص، فمنطوق "سبحان اللَّه" تنزيه، ومفهومه توحيد، ومنطوق "لا إله إلا اللَّه" توحيد، ومفهومه تقديس؛ يعني: فيكون "لا إله إلا اللَّه" أفضل؛ لأن التوحيد أصل، والتنزيه ينشأ عنه، قال: فإذا اجتمعا دخلا في أسلوب الطرد والعكس، واللَّه يقول الحقّ، وهو يهدي السبيل. انتهى كلام الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).


(١) "الفتح" ١٧/ ٦٣٢، "كتاب التوحيد" رقم (٧٥٦٣).
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ١٨٢١ - ١٨٢٢ بزيادة من "المرعاة" ٧/ ٩١٤.