للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اختاره القاضي عياض، قال النوويّ: وهو ضعيف؛ لِعَطْف الرحمة عليه، وقيل: الطمأنينة، والوقار، وهو أحسن. انتهى (١)، وقيل: إنها شيء من مخلوقات الله تعالى، فيه طمأنينة، ورحمة، ومعه الملائكة، وقال القرطبيّ: هي إما السكون، والوقار، والخشوع، وإما الملائكة الذين يستمعون القرآن، سُمُّوا بذلك؛ لِمَا هم عليه من السكون والخشوع. انتهى (٢).

(وَغَشِيَتْهُمُ)؛ أي: أتتهم، وعَلَتهم، وغطّتهم (الرَّحْمَةُ)؛ أي: فتكفّر خطيئاتهم، وتُرفع درجاتهم، ويصلون إلى جنته وكرامته، (وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ)؛ أي: أحدقت ملائكة الرحمة، والبركة، وأحاطت بهم، أو طافت بهم، وداروا حولهم إلى سماء الدنيا، يستمعون القرآن، ودراستهم، ويحفظونهم من الآفات، ويزورونهم، ويصافحونهم، ويؤمّنون على دعائهم، (وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)؛ أي: في الملأ الأعلى، والطبقة العليا من الملائكة المقرّبين، ثم يَحْتَمل أن يكون هذا الذكر ذكر ثناء وتشريف، وَيَحْتَمل أن يكون ذكر مباهاة؛ أي: أن الله تعالى يباهي بهم الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي تركوا أشغالهم، وأقبلوا عليّ، يذكروني، ويقرؤون كتابي، كما ثبت ذلك فيمن يقف بعرفة.

وقال الحافظ ابن رجب رَحِمَهُ اللهُ: وذِكر الله لعبده هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى بين ملائكته، ومباهاته به، وتنويهه بذكره. قال الربيع بن أنس: إن الله ذاكر مَن ذكره، وزائد مَنْ شكره، ومعذِّب مَن كفره، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢)} [الأحزاب: ٤١، ٤٢]، وصلاة الله على عبده هي ثناؤه عليه بين ملائكته، وتنويهه بذكره، كذا قال أبو العالية، ذكره البخاريّ في "صحيحه". انتهى (٣).

(وَمَنْ بَطَّأَ) بتشديد الطاء، من التبطئة، ضدّ التعجل؛ كالإبطاء، والْبُطء، نقيض السرعة، وفي رواية ابن ماجه: "ومن أبطأ"، والباء في (ط) للتعدية؛ أي: من أخّره، وجعله بطيئًا عن بلوغ درجة السعادة. (عَمَلُهُ) السيئ في الآخرة، أو تفريطه للعمل الصالح في الدنيا، (لَمْ يُسْرعْ بِهِ) من الإسراع؛ أي:


(١) "شرح النوويّ" ١٧/ ٢١.
(٢) "المفهم" ٦/ ٦٨٧ - ٦٨٨.
(٣) "جامع العلوم والحكم" ٢/ ٣٠٧.