للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أول ما لقيه ليلًا، وهو يطوف بالكعبة، فأسلم إذ ذاك بعد أن أقام ثلاثين بين يوم وليلة، ولا زاد له؛ وإنَّما اغتذى بماء زمزم، وفي حديث ابن عباس: أنه كان له قِربة، وزاد، وأن عليًّا - رضي الله عنه - أضافه ثلاث ليال، ثم أدخله على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في بيته، فأسلم، ثم خرج، فصرخ بكلمتي الإسلام، وكل واحد من السندين صحيح، فالله أعلم أيُّ المتنين الواقع، ويَحْتَمِل أن يقال: إن أبا ذرّ لمّا لقي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حول الكعبة، وأسلم، لم يعلم به إذ ذاك عليّ؛ إذ لم يكن معهم، ثم إن أبا ذرّ بقي متسترًا بحاله، إلى أن استتبعه عليّ، ثم أدخله على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فجدَّد إسلامه، فظن الراوي: أن ذلك أول إسلامه، وفي هذا الاحتمال بُعد، والله أعلم بحقيقة ذلك، قال: ولم أر من الشارحين لهذا الحديث من تنبَّه لهذا التعارض، ولا لهذا التأويل. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "ولم أر من الشارحين … إلخ" بل قد تعرّضوا للجمع بين الحديثين، وسيأتي ما قاله الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- عند شرح حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - التالي -إن شاء الله تعالى-.

وقوله: (فَأَخَذْنَا صِرْمَتَهُ، فَضَمَمْنَاهَا إِلَى صِرْمَتِنَا) الصرمة بكسر الصاد المهملة، وسكون الراء: القطعة من الإبل ما بين العشرة إلى الأربعين، وتُصغّر على صُرَيمة، والجمع صِرَمٌ، مثلُ سِدْرة، وسِدَر (١).

وقوله: (مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ) لا تعارض بينه وبين ما سبق: "ثلاثين بين يوم وليلة"؛ لأن التقدير: خمس عشرة ليلة بأيامها.

وقوله: (أَتْحِفْنِي (٢) بِضِيَافَتِهِ اللَّيْلَةَ)؛ أي: خُصّني بها، وأكرمني بذلك، قال أهل اللغة: التحفة بإسكان الحاء، وفتحها: هو ما يُكرم به الإنسان، والفعل منه أتحفه، قاله النوويّ (٣).

ووقع في بعض النسخ: "ألحقني" بدل "أتحفني"، والظاهر أنه مصحّف منه، والله تعالى أعلم.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٣٩.
(٢) وفي نسخة: "ألحقني".
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ٣٢.