للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مسعود - رضي الله عنه - إليه، واختصَّه بخدمته، وملازمته، وذلك لِمَا رأى من صلاحيته لقبول العلم، وتحصيله له، ولذلك قال له أول ما لقيه: "إنك غُلَيْمٌ مُعَلَّم"، وفي رواية أخرى: "لَقِنٌ مُفَهَّمٌ"؛ أي: أنت صالح؛ لَأَنْ تُعَلَّم فتَعْلم، وتُلَقَّنَ فتفهم، ولمّا رأى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك ضمَّه لنفسه، وجعله في عِداد أهل بيته، فلازمه حضرًا، وسفرًا، وليلًا، ونهارًا؛ ليتعلَّم منه، وينقل عنه. انتهى (١).

ثم بيّن وجه ظنّهم ذلك، فقال: (مِنْ كَثْرَةِ دُخُولهِمْ) "من" تعليليَّة؛ أي: من أجل كثرة دخول ابن مسعود، وأمه على النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، و"الكثرة" بفتح الكاف، على الفصيح المشهور، وبه جاء القرآن، وحَكَى الجوهريّ وغيره كسرها (٢). (وَلُزُومِهِمْ لَهُ)؛ أي: للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه استعمال ضمير الجمع للاثنين، وهو فصيح، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: جَمَعهما وهما اثنان هو وأمه؛ لأنَّ الاثنين يجوز جَمْعهما بالاتفاق، لكن الجمهور يقولون: أقلّ الجمع ثلاثة، فجَمْعُ الاثنين مجازٌ، وقالت طائفة: أقله اثنان، فجَمْعهما حقيقةٌ. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بأن أقلّ الجمع اثنان حقيقةً هو الصحيح؛ لأدلّة كثيرة، ومنها هذا الحديث، وأحاديث تقدّمت في هذا الكتاب، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: ٧٨]، وقوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]، وغيرها من النصوص الكثيرة، وقد حقّقت المسألة بأدلّتها في "التحفة المرضيّة" في الأصول، فراجعها تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٢/ ٦٣٠٦ و ٦٣٠٧ و ٦٣٠٨] (٢٤٦٠)، و (البخاريّ) في "الفضائل" (٣٧٦٣) و"المغازي" (٤٣٨٤)، و (الترمذيّ) في


(١) "المفهم" ٦/ ٣٧٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٤ - ١٦.