للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من حاجة أي: تذكر لي حاجة لك؟ (تَأْمُرُنِي بِهَا؟)؛ أي: بقضائها، (قَالَ) عليّ: (فَقُلْتُ لَهُ)؛ أي: للمسور، (لَا)؛ أي: لا حاجة لي إليك، (قَالَ) المسور (لَهُ)؛ أي: لعليّ: (هَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ) اسم فاعل من أعطى، مضاف إلى ياء المتكلّم، ولذا شُدّدت الياء لإدغام الياء التي هي لام الكلمة في ياء المتكلّم. (سَيْفَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) قال الحافظ -رحمه الله-: والذي يظهر أن المراد بالسيف المذكور: ذو الفقار الذي تنفّله يوم بدر، ورأى فيه الرؤيا يوم أُحد، قال: وأراد المسور بذلك صيانة سيف النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لئلا يأخذه من لا يعرف قَدْره، وقال الكرمانيّ: مناسبة ذِكر المسور لقصة خطبة بنت أبي جهل عند طلبه للسيف من جهة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحترز عما يوجب وقوع التكدير بين الأقرباء؛ أي: فكذلك ينبغي أن تعطيني السيف حتى لا يحصل بينك وبين أقربائك كُدورة بسببه، أو كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يراعي جانب بني عمه العبشميين، فأنت أيضًا راعِ جانب بني عمك النوفليين؛ لأن المسور نوفليّ، كذا قال، والمسور زهريّ، لا نوفليّ، قال: أو كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحب رفاهية خاطر فاطمة -رضي الله عنها-، فأنا أيضًا أحب رفاهية خاطرك؛ لكونك ابن ابنها، فأعطني السيف حتى أحفظه لك.

قال الحافظ: وهذا الأخير هو المعتمَد، وما قبله ظاهر التكلف. انتهى (١).

وقال في "العمدة": قوله: "مُعْطِيَّ" بضم الميم، وسكون العين، وكسر الطاء، وتشديد الياء؛ يعني: هل أنت معطي سَيْف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياي، وكون السيف عند آل عليّ -رضي الله عنه- يَحْتَمِل أن يكون النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد أعطاه لعليّ -رضي الله عنه- في حياته انتَقَل إلى زين العابدين، أو أعطاه أبو بكر -رضي الله عنه-، ثم انتقل إلى آله، والظاهر: أن هذا السيف هو ذو الفَقار؛ لأن سبط ابن الجوزيّ ذكر في "تاريخه": ولم يزل ذو الفقار عنده -صلى الله عليه وسلم- حتى وهبه لعليّ -رضي الله عنه- قبل موته، ثم انتقل إلى آله، وكانت له عشرة أسياف، منها ذو الفَقار تنفّله يوم بدر. انتهى (٢).

(فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ)؛ أي: يأخذوه منك بالقوّة والاستيلاء،


(١) "الفتح" ٧/ ٣٧١، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١١٠).
(٢) "عمدة القاري" ١٥/ ٣٣.