للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في زمنه، فقد شبّه أمر المسلمين بقليب فيه الماء الذي به حياتهم، وصلاحهم، وسقيهما قيامهما بمصالحهم، وسقيه هو قيامه بمصالحهم. انتهى (١).

٣ - (ومنها): ما قال القرطبيّ رحمه الله: وهذه الرُّؤيا هي مثال لِمَا فتح الله تعالى على يدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويدي الخليفتين بعده، من الإسلام، والبلاد، والفيء، فالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- هو مبدأ الأمر، وممكَّنٌ منه، وأبو بكر -رضي الله عنه- بعده، غير أن مقدار ما فتح الله على يديه من بلاد الكفر قليل؛ لأن مدَّة خلافته كانت سنتين وثلاثة أشهر اشتَغَل في معظمها بقتال أهل الرِّدَّة، ثم لمّا فرغ منها أَخَذ في قتال أهل الكفر، ففتح في تلك المدَّة بعض العراق، وبعض الشام، ثمَّ مات -رضي الله عنه-، ففتح الله على يدي عمر -رضي الله عنه- سائر البلاد، واتَّسعت خُطَّة الإسلام شرقًا، وغربًا، وشامًا، وعَظُمت الفتوحات، وكثرت الخيرات والبركات التي نحن فيها حتى اليوم، فعبَّر عن سنتي خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- بالذَّنوبين، وعن قلَّة الفتوحات فيها بالضعف، وليس ذلك وهنًا في عزيمته، ولا نقصًا في فضله على ما هو المعروف من همَّته، والموصوف من حالته.

وقوله: "والله يغفر له" لا يظنّ جاهل بحال أبي بكر -رضي الله عنه-: أن هذا الاستغفار لأبي بكر كان لذنب صدر عنه، أو لتقصير حصل منه؛ إذ ليس في المنام ما يدلّ على شيء من ذلك؛ وإنما هذا دعامٌ للكلام، وسنادٌ، وصلة، وقد تقدَّم في الحديث أنها كانت كلمة يقولها المسلمون: افعل كذا، والله يغفر لك، وهذا نحو قولهم: تربت يمينك، وألَّت! وقاتله الله! ونحو ذلك، مما تستعمله العرب في أضعاف كلامها على ما تقدَّم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال: [٦١٧٣] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ (ح) وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَالْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٦١.
(٢) "المفهم" ٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥.