للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فأما مباركها في الْبَرّيّة، أو عند الحيّ، فهي المَأْوَى، وقال الأزهريّ أيضًا: عَطَنُ الإبل: موضعها الذي تتنحى إليه، إذا شربت الشَّرْبة الأولى، فتبرك فيه، ثم يُملأ الحوض لها ثانيًا، فتعود من عَطَنِهَا إلى الحوض، فَتَعُلُّ؛ أي: تشرب الشربة الثانية، وهو العلل، لا تَعْطْنُ الإبل على الماء إلا في حَمَارّةِ (١) القيظ، فإذا بَرَد الزمانُ فلا عَطَن للإبل، والمراد بِالمَعَاطِنِ في كلام الفقهاء: المَبَارك. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: معنى: "حتى ضرب الناس بعطن"؛ أي: أرووا إبلهم، وأصله أنهم يَسقون الإبل، ثم يُعطنونها؛ أي: يتركونها حول الحياض؛ لتستريح، ثم يعيدون شربها، يقال منه: عَطَنت الإبلُ، فهي عاطنة، وعواطن، وأعطنتها أنا. حكاه ابن الأنباريّ. وفي "الصحاح": عَطَنتُ الجلدَ، أَعْطِنه عَطْنًا، فهو معطون: إذا أخذت عَلْقَى -وهو نبت- أو فرثًا، وملحًا، فألقيت الجدل فيه، وغَممته؛ ليتفسّخ صوفه، ويسترخي، ثم تلقيه في الدباغ، وعَطِن الإهابُ -بالكسر- يَعْطَن عَطَنًا فهو عَطِنٌ: إذا أنْتَن، وسقط في العَطْن، وقد انعطن. والعَطَن والْمَعْطَن واحد الأعطان، والمعاطن، وهي مَبَارِك الإبل عند الماء؛ لتشرب عَلَلًا بعد نَهَلٍ، فإذا استوفت رُدّت إلى المراعي والأظماء، وعَطَنت الإبلُ -بالفتح- تَعْطُن، وتَعْطِن عُطُونًا: إذا رَوِيت، ثم بَرَكَت، فهي: إبل عَاطِنة، وعَوَطِن، وقد ضَرَبت الإبل بعَطَن: أي: بركت. قال ابن السِّكيت: وكذلك تقول: هذا عَطَنُ الغنم ومَعْطَنها: لمرابضها حول الماء (٣).

قال القرطبيّ: وقد جاء معنى هذه الرواية مفسَّرًا في الرواية الأخرى التي قال فيها: "فجاء عمر، فأخذه منِّي؛ يعني: الدلو، فلم أَرَ نَزْع رجل قط أقوى منه، حتى تَوَلَّى الناسُ، والحوض ملآنٌ يتفجر"، وفي هذه من الزيادة ما يدلّ على أن عمر -رضي الله عنه- يُتَوَفَّى ويبقى النصر، والفتح بعده متصلًا، وكذلك كان. انتهى (٤).


(١) الحَمَارّة -بتخفيف الميم، وتشديد الراء- وتخفّف في الشِّعر: شدّة الحرّ. اهـ. "القاموس".
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤١٦ - ٤١٧.
(٣) "الصحاح" للجوهريّ ص ٧١٧.
(٤) "المفهم" ٦/ ٢٥٦ - ٢٥٧.