للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصوم والصلاة في اسم الدين. وقد صرّح بدخول الأعمال في الدين طوائف من العلماء، والمتكلّمين، من الحنابلة وغيرهم. فمن قال: الإسلام، والإيمان واحدٌ، فالدين عنده مرادفٌ لهما، وهو اختيار البخاريّ، ومحمد بن نصر المروزيّ، وغيرهما من أهل الحديث، ومن فرّق بينهما، فاختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: إن الدين أعمّ منهما، فإنه يشمل الإيمان، والإسلام، والإحسان، كما دلّ عليه حديث جبريل عليه السلام، وقد أشار البخاريّ إلى هذا فيما بعدُ، لكنه ممن لا يفرّق بين الإسلام والإيمان. ومن قال: الإيمان التصديق، والإسلام الأعمال، فأكثرهم جَعَل الدين هو الإسلام، وأدخل فيه الأعمال، وإنما أخرج الأعمال من مسمّى الدين بعض المرجئة. ومن قال: الإسلام الشهادتان، والإيمان العمل؛ كالزهريّ، وأحمد في رواية، وهي التي نصرها القاضي أبو يعلى؛ جَعَل الدين هو الإيمان بعينه، وأجاب عن قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} الآية [آل عمران: ١٩] أن بعض الدين الإسلام، وهذا بعيدٌ. وأما من قال: إن كلًّا من الإسلام والإيمان إذا أُطلقا مجرّدًا دخل الآخر فيه، وإنما يُفرَّق بينهما عند الجمع بينهما، وهو الأظهر، فالدين هو مسمّى كل واحد منهما عند إطلاقه، وأما عند اقترانه بالآخر فالدين أخصّ باسم الإسلام؛ لأن الإسلام هو الاستسلام، والخضوع، والانقياد، وكذلك الدين يقال: دانه يدينه: إذا قهره، ودان له: إذا استسلم له، وخضع، وانقاد، ولهذا سمّى الله الإسلام دينًا، فقال: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩]، وقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} الآية [آل عمران: ٨٥]، وقال: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]. انتهى كلام ابن رجب رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد استوفيت هذا البحث في "كتاب الإيمان"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

٥ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": إن هذا من أمثلة ما يُحمَد في المنام، ويُذَمّ في اليقظة شرعًا، أعني جرّ القميص؛ لِمَا ثبت من الوعيد في تطويله، وعكس هذا ما يُذَمّ في المنام، ويُحمَد في اليقظة.


(١) "فتح الباري بشرح البخاري" لابن رجب رحمه الله ١/ ٩٨ - ٩٩.