للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بكر -رضي الله عنه-؛ لأن المراد بالأفضل: الأكثر ثوابًا، والأعمال علامات الثواب، فمن كان دينه أكثر فثوابه أكثر، وهو خلاف الاجماع.

[قلت]: لا يلزم؛ إذ القسمة غير حاصرة؛ لجواز قسم رابع.

سلمنا انحصار القسمة، لكن ما خَصَّص القسم الثالث بعمر -رضي الله عنه-، ولم يحصره عليه.

سلمنا التخصيص به، لكنه معارَض بالأحاديث الدالة على أفضلية الصدّيق -رضي الله عنه- بحسب تواتر القدر المشترك بينها، ومثله يسمى بالمتواتر من جهة المعنى، فدليلكم آحاد، ودليلنا متواتر.

سلّمنا التساوي بين الدليلين، لكن الإجماع منعقد على أفضليته، وهو دليل قطعيّ، وهذا دليل ظنيّ، والظن لا يعارض القطع، وهذا الجواب يستفاد من نفس تقرير الدليل.

وهذه قاعدة كلية عند أهل المناظرة في أمثال هذه الإيرادات، بأن يقال: ما أردته إما مجمَع عليه، أو لا، فإن كان، فالدليل مخصوص بالإجماع، وإلا فلا يتم الإيراد؛ إذ لا إلزام إلا بالمجمَع عليه.

لا يقال: كيف يقال: الإجماع منعقد على أفضلية الصديق -رضي الله عنه-، وقد أنكر ذلك طائفة الشيعة، والخوارج من العثمانية؛ لأنا نقول: لا اعتبار بمخالفة أهل الضلال، والأصل إجماع أهل السُّنَّة والجماعة، ذَكَره في "العمدة" (١).

وقال في "الفتح": [تنبيه]: قد استشكل هذا الحديث بأنه يلزم منه أن عمر أفضل من أبي بكر الصّدّيق -رضي الله عنهما-.

[والجواب] عنه: تخصيص أبي بكر من عموم قوله: "عُرض عليّ الناس"، فلعلّ الذين عُرضوا إذ ذاك لم يكن فيهم أبو بكر -رضي الله عنه-، وأن كون عمر -رضي الله عنه- عليه قميص يجرّه، لا يستلزم أن لا يكون على أبي بكر قميصٌ أطول منه، وأسبغ، فلعلّه كان كذلك، إلا أن المراد كان حينئذ بيان فضيلة عمر -رضي الله عنه-، فاقتصر عليها. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: هؤلاء الناس المعروضون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في


(١) "عمدة القاري" ١/ ١٧٣.
(٢) "الْفَتْحُ" ٧/ ٤٠٨ - ٤٠٩.