للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيها الخطب على المفتي، والله أعلم. انتهى (١).

وقوله: (يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي؟ ") بدل من "يوم السبع والمعنى: مَن لها يوم يَطْرُقها السَّبُع، فيَطْرُدكم عنها، وتبقى لا راعي لها غيري؛ لفراركم من السبع عنها، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وقول الذئب: "من لها يوم السَّبُع" الرواية الصحيحة التي قرأناها، وقيّدناها على مشايخنا بضم الباء، لا غير، ومعناه مفسَّر بباقي الحديث؛ إذ قال فيه: "يوم ليس لها راعٍ غيري"، فإنه أبدل "يوم ليس لها راعٍ غيري"، من "يوم السَّبُع وكأنه قال: من يستنقذ هذه الشاة يوم ينفرد السَّبُع بها، ولا يكون معها راع، ولا من يمنعها؟! وكأنه -والله أعلم- يشير إلى نحو مما تقدَّم في "الحج" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا، قال: "يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العوافي -يريد السِّباع والطير-، ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة، فينعقان بغنمهما، فيجدانها وحشًا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرَّا على وجوههما"، فحاصل هذا أن أهل المدينة ينجلون عنها، فلا يبقى فيها إلا السِّباع، ويهلك من حولها من الرُّعاة، فتبقى الغنم متوحشة منفردة، فتأكلُ الذئابُ ما شاءت، وتترك ما شاءت، وهذا لم يُسمع أنه وقع، ولا بدَّ من وقوعه.

قال: وقد قيّده بعض اللغويين بسكون الباء، وليست برواية صحيحة، ولكن اختُلف في معنى ذلك على أقوال، يطول ذِكرها، ولا معنى لأكثرها، وأشبه ما قيل في ذلك، ما حكاه الحربيّ: أن سكون الباء لغة فيه، قال: وقرأ الحسن: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}، بسكونها. انتهى (٢).

[تنبيه]: وقع في رواية البخاريّ في قصّة الذئب بلفظ: "فقال له الذئب: هذا استنقذتها مني، فمَن لها يوم السبع؟ "، قال ابن مالك -رحمه الله- في "شواهد التوضيح": يجوز في "هذا" ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون منادى، محذوفًا منه حرف النداء، وهو مما منعه


(١) "الفتح" ٨/ ٣٤٩ - ٣٥٠، كتاب "فضائل الصحابة".
(٢) "المفهم" ٦/ ٢٤٦ - ٢٤٧.