للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال في "الفتح": قوله: "بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب": لم أقف على اسم هذا الراعي، وقد أورد البخاريّ الحديث في ذكر بني إسرائيل، وهو مُشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام.

وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصّة، فروى أبو نعيم في "الدلائل" من طريق ربيعة بن أوس، عن أنيس بن عمرو، عن أهبان بن أوس: "قال: كنت في غنم لي، فشَدَّ الذئب على شاة منها، فصِحْت عليه، فأقعى الذئب على ذنبه يخاطبني، وقال: من لها يوم تشتغل عنها؟ تمنعني رزقًا رزقنيه الله تعالى، فصفقت بيدي، وقلت: والله ما رأيت شيئًا أعجب من هذا، فقال: أعجب من هذا، هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين هذه النخلات، يدعو إلى الله، قال: فأتى أُهبان إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره، وأسلم".

فيَحْتَمِل أن يكون أهبان لَمّا أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك كان أبو بكر وعمر حاضرين، ثم أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وأبو بكر وعمر غائبين، فلذلك قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "فإني أُومِنُ بذلك، وأبو بكر، وعمر".

قال: وزاد في "المزارعة": قال أبو سلمة: "وما هما يومئذ في القوم"؛ أي: عند حكاية النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ويَحْتَمِل أن يكون -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك لِمَا اطَّلع عليه من غلبة صدق إيمانهما، وقوة يقينهما، وهذا أليق بدخوله في مناقبهما. انتهى (١).

(فَأَخَذَ مِنْهَا)؛ أي: تلك الغنم، وأنّثها؛ لِمَا سبق أنه اسم جنس مؤنّثٌ. (شَاةً)؛ أي: واحدةً، (فَطَلَبَهُ)؛ أي: الذئب، (الرَّاعِي، حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ)؛ أي: استخلصها من ذلك الذئب، يقال: أنقذته من الشرّ: إذا خلّصته منه، فَنَقِذَ نَقَذًا، من باب تَعِبَ: تخلّص، والنَّقَذُ بفتحتين: ما أنقذته، قاله الفيّوميّ (٢). (فَالْتَفَتَ) بالبناء للفاعل، (إِلَيْهِ الذِّئْبُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا) "من" استفهاميّة استفهامًا إنكاريًّا؛ أي: لا أحد يقوم برعايتها، وحِفْظها (يَوْمَ السَّبُعِ) قال في "الفتح": قال عياض: يجوز ضم الموحّدة، وسكونها، إلا أن الرواية بالضم، وقال الحربيّ: هو بالضم، والسكون، وجزم بأن المراد به الحيوان المعروف،


(١) "الفتح" ٨/ ٣٤٨ - ٣٤٩.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢٠.