مرفوعًا مثله، وزاد:"وعاش بعد ذلك ثمانين سنة"، فعلى هذا يكون عاش مائتي سنة، والله أعلم، وجَمعَ بعضهم بأن الأول حُسِب من مبدأ نبوّته، والثاني من مبدأ مولده. انتهى (١).
وقال في "الفتح" أيضًا في "كتاب الاستئذان" بعد ذكر رواية "الموطّأ" بلفظ: "إن إبراهيم أوّلُ من اختتن، وهو ابن عشرين ومائة، واختتن بالقدوم، وعاش بعد ذلك ثمانين سنةً" ما نصّه: ورويناه في "فوائد ابن السماك" من طريق أبي أويس، عن أبي الزناد، بهذا السند مرفوعًا، وأبو أويس فيه لين، وأكثر الروايات على ما وقع في حديث الباب أنه -عَلَيْهِ السَّلام- اختتن، وهو ابن ثمانين سنةً، وقد حاول الكمال بن طلحة في جزء له في الختان الجمع بين الروايتين، فقال: نُقِل في الحديث الصحيح أنه اختتن لثمانين، وفي رواية أخرى صحيحة أنه اختتن لمائة وعشرين، والجمع بينهما أن إبراهيم عاش مائتي سنة، منها ثمانين سنةً غير مختون، ومنها مائة وعشرين، وهو مختون، فمعنى الحديث الأول: اختتن ثمانين مضت من عمره، والثاني: لمائة وعشرين بقيت من عمره.
وتعقبه الكمال ابن العديم في جزء سماه "الملحة في الردّ على ابن طلحة" بأن في كلامه وَهَمًا من أوجه:
أحدها: تصحيحه لرواية مائة وعشرين، وليست بصحيحة، ثم أوردها من رواية الوليد عن الأوزاعيّ، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، مرفوعةً، وتعقبه بتدليس الوليد، ثم أورده من "فوائد ابن المقرئ" من رواية جعفر بن عون، عن يحيى بن سعيد، به موقوفًا، ومن رواية عليّ بن مُسهر، وعكرمة بن إبراهيم، كلاهما عن يحيى بن سعيد، كذلك.
ثانيها: قوله في كل منهما: لثمانين، لمائة وعشرين، ولم يَرِد في طريق من الطرق باللام، وإنما ورد بلفظ: اختتن، وهو ابن ثمانين، وفي الأخرى: وهو ابن مائة وعشرين، وورد الأول أيضًا بلفظ:"على رأس ثمانين"، ونحو ذلك.
ثالثها: أنه صرح في أكثر الروايات أنه عاش بعد ذلك ثمانين سنةً، فلا
(١) "الفتح" ٧/ ١٤٦ - ١٤٧، كتاب "أحاديث الأنبياء" رقم (٣٣٥٦).