للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يعني: أنه مربّع لا يزيد طوله على عرضه، قاله الطيبيّ (١)، وقال النوويّ: قال العلماء: معناه طوله كعرضه، كما قال في حديث أبي ذرّ -رضي الله عنه- المذكور في الكتاب: "عرضه مثل طوله". انتهى (٢)، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "وزواياه سواء"؛ أي: أركانه معتدلة؛ يعني: أن ما بين الأركان متساوٍ، فهو معتدل التربيع، وقد اختلفت الألفاظ الدَّالة على مقدار الحوض، كما هو مبيَّن في الروايات المذكورة في مسلم، وقد ظن بعض القاصرين: أن ذلك اضطراب، وليس كذلك؛ وإنما تحدَّث النبي -صلى الله عليه وسلم- بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة إشعارًا بأن ذلك تقدير، لا تحقيق، وكلها تفيد: أنه كبير متسع، متباعد الجوانب والزوايا، ولعل سبب ذِكره للجهات المختلفة في تقدير الحوض: أن ذلك إنما كان بحَسَب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فيخاطِب كل قوم بالجهة التي يعرفونها، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

(وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ) بفتح الواو، وكسر الراء؛ أي: الفضّة، وفي رواية: "أبيض من اللبن".

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "ماؤه أبيض من الورق" هكذا هو في جميع النسخ: الوَرِق، بكسر الراء، وهو الفضة، والنحويون يقولون: إن فعل التعجب الذي يقال فيه: هو أفعل من كذا إنما يكون فيما كان ماضيه على ثلاثة أحرف، فإن زاد لم يُتعجب من فاعله، وإنما يُتعجب من مصدره، فلا يقال: ما أبيض زيدًا، ولا زيد أبيض من عمرو، وإنما يقال: ما أشدّ بياضه، وهو أشدّ بياضًا من كذا، وقد جاء في الشِّعر أشياء من هذا الذي أنكروه، فعَدُّوه شاذًّا، لا يقاس عليه، وهذا الحديث يدلّ على صحته، وهي لغة، وإن كانت قليلة الاستعمال، ومنها قول عمر -رضي الله عنه-: "ومن ضَيّعها فهو لِمَا سواها أضيع". انتهى (٤).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "أبيض من الوَرِق" جاء "أبيض" هنا في هذا


(١) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١١/ ٣٥١٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ٥٥.
(٣) "المفهم" ٦/ ٩١ - ٩٢.
(٤) "شرح النوويّ" ١٥/ ٥٥.