للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ونهايتها، فيُقطع دورانُ الشصس، وتستقرّ عند ذلك، ويبطل فعلها، وليس في سجودها كلَّ ليلة تحت العرش ما يُعِيق عن دورانها في سيرها.

قال الحافظ: وظاهر الحديث أن المراد بالاستقرار وقوعه في كل يوم وليلة عند سجودها، ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبَّرُ عنه بالجَرْي، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى القول بما دلّ عليه ظاهر الحديث من أن معنى مستقرّها، أي: موضع استقرارها تحت العرش هو الحقّ؛ إذ لا يُنكَر أن يكون لها استقرارٌ تحت العرش من حيث لا نُدركه، ولا نشاهده، وإنما أخبرنا عن غيب، فلا نكذّبه، ولا نُكيّفه؛ لأن علمنا لا يُحيط به.

والحاصل أن كون مُستقرّها تحت العرش، وسجودها فيه على ظاهره؛ إذ لا مانع من ذلك، فلا تلتفت إلى الأقوال المخالفة لظواهر النصوص حتى تكون من ذوي الخصوص، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: استدلّ الطحاويّ رحمه الله بهذا الحديث على أن الشمس تغرُب في السماء، وذكر قراءة من قرأ "حامية" يعني: حارّة، {حَمِئَةٍ} من الحمأة والطين، وقال: لا يبعد أن يوجد الطين في السماء، واستشهد بقوله تعالى: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣)} الآيتين [الذاريات: ٣٣].

وتعقّبه القاضي عياض، فقال: ولا حجة في هذا، فقد جاءت الآثار أن العين الحَمِئة في الأرض، وهو ظاهر في القرآن في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} الآية [الكهف: ٨٦]، وأما إرسال الحجارة، فيُرسلها الله تعالى من حيث شاء، ويخلقها حيث يشاء. انتهى (٢).

(فَلَا تَزَالُ (الشمس (كَذَلِكَ) (٣) أي: على هذه الحالة، من سجودها تحت العرش، وفي نسخة: "فلا يزال كذلك " بالياء التحتانيّة، أي: لا يزال الأمر على ما ذُكر (حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي) أي: عن السجود (ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ) أي: من المكان الذي جئت منه، وهو مطلعها كلّ يوم (فَتَرْجِعُ) بفتح


(١) "الفتح" ٨/ ٤٠٣ "كتاب التفسير" رقم (٤٨٠٢ - ٤٨٠٣).
(٢) راجع: "الإكمال" ١/ ٦١٨ - ٦١٩.
(٣) وفي نسخة: "فلا يزال كذلك".