للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إلى محلّ معيّن (فتَخِرُّ) بكسر الخاء المعجمة، وضمها، من بابي ضرب، وقعد، قال المجد رحمه الله: الخَرّ - أي بالفتح -: السقوط، كالخُرور، أو من عُلْوٍ إلى سُفْل، يَخِرُّ - أي بكسر الخاء -، وَيخُرّ - أي بضمّها - انتهى (١). (سَاجِدَةً) منصوب على الحال، وقال القاضي عياض رحمه الله: قد اختلفت أقاويل المفسّرين في هذا، فقال القُتَبيّ: مُستقرّها: أقصى منازلها في الغروب، لا تُجاوزه، ثم ترجع، ورُوي عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أنه قرأ هذا الحرف: "لا مُسْتَقَرّ لها"، أي: إنها جاريةٌ أبدًا، لا تثبتُ في موضع واحد، قال بعض أصحاب المعاني: وعلى جمع القراءتين جريُها بحُسبان، لا مستقرّ لها حتى ترتفع إلى أبعد غاياتها، وجريها تحت العرش، وهو مستقرّها على القراءة الأخرى. انتهى (٢).

وقال النووي رحمه الله: هذا مما اختلف المفسّرون فيه، فقال جماعة بظاهر الحديث، قال الواحديّ: وعلى هذا القول إذا غربت كلَّ يوم استقرّت تحت العرش إلى أن تطلُع من مغربها، وقال قتادة، ومقاتل: معناه: تجري إلى وقتٍ لها، وأجلٍ، لا تتعدّاه، قال الواحديّ: وعلى هذا مستقرّها انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا، وهذا اختيار الزجّاج، وقال الكلبيّ: تسير في منازلها إلى آخر مستقرّها الذي لا تتجاوزه، ثم ترجع إلى أول منازلها، واختار ابن قُتيبة هذا القول. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (٣).

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: في معنى قوله: {لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: ٣٨] قولان: أحدهما أن المراد مُستَقَرّها المكانيّ، وهو تحت العرش، مما يلي الأرض من ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي تحت العرش، هي وجميع المخلوقات؛ لأنه سَقْفُها، وليس بِكُرَة، كما يزعمه كثير من أرباب الهيئة، وإنما هو قُبَّةٌ، ذات قوائم، تحمله الملائكة، وهو فوق العالم، مما يلي رؤوس الناس، فالشمس إذا كانت في قُبّة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب ما تكون إلى العرش، فإذا استدارت في فَلَكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام، وهو وقت


(١) "القاموس المحيط" ص ٣٤٦.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٦١٧ - ٦١٨.
(٣) "شرح النوويّ" ٢/ ١٩٥ - ١٩٧.