قال: نَزَل عليّ عبدُ الله، وكان صحابيًّا، فحدّثني عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"الدجال ليس به خَفَاءٌ، يجيء من قِبَل المشرق، فيدعو إلى الدين، فيُتَّبَعُ، ويَظهَر، فلا يزال حتى يَقْدَم الكوفة، فيُظهِر الدين، ويعمل به فيُتَّبَعُ، وَيحُثّ على ذلك، ثم يَدَّعي أنه نبي، فيَفْزَع من ذلك كلُّ ذي لُبّ، ويفارقه، فيمكث بعد ذلك، فيقول: أنا الله، فتُغْشَى عينه، وتقطع أذنه، ويُكتب بين عينيه كافرٌ، فلا يخفى على كل مسلم، فيفارقه كل أحد من الخلق، في قلبه مثقالُ حبة من خردل من إيمان"، وسنده ضعيف.
(المسألة الرابعة): أنه اشتَهَرَ السؤال عن الحكمة في عدم التصريح بذكر الدجال في القرآن، مع ما ذُكر عنه من الشرّ، وعظم الفتنة به، وتحذير الأنبياء منه، والأمرِ بالاستعاذة منه حتى في الصلاة.
[وأجيب بأجوبة]:
(أحدها): أنه ذُكِر في قوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} الآية [الأنعام: ١٥٨]، فقد أخرج مسلم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه:"ثلاثٌ إذا خَرَجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبلُ، أو كسبت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض"، وأخرجه الترمذيّ أيضًا، وصححه.
(الثاني): قد وقعت الإشارة في القرآن إلى نزول عيسى ابن مريم في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآية [النساء: ١٥٩]، وفي قوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} الآية [الزخرف: ٦١]، وصَحّ أنه الذي يقتل الدجال، فاكتُفِي بذكر أحد الضدين عن الآخر، ولكونه يُلَقَّب بالمسيح، كعيسى عليه السلام، لكن الدجال مَسِيح الضلالة، وعيسى عليه السلام مسيح الهدى.
(الثالث): أنه تُرِك ذكره احتقارًا.
وتُعُقِّب بذكر يأجوج ومأجوج، وليست الفتنة بهم بأشدّ من الفتنة بالدجال.
وأجاب البلقيني بأنه اعتَبَر كلَّ من ذُكر في القرآن من المفسدين، فوجَدَ كلَّ من ذُكر إنما هم ممن مضى، وانقضى أمره، وأما من لم يجئ بعدُ، فلم يُذكَر منهم أحدٌ. انتهى.