للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التوبة، وجَفَّت الأقلام، وطُويت الصُّحُف"، ومن طريق يزيد بن شُريح، وكثير بن مُرّة: "إذا طَلَعت الشمس من المغرب، يطبع على القلوب بما فيها، وترتفع الحفظة، وتؤمر الملائكة أن لا يكتبوا عملًا"، وأخرج عبد بن حميد، والطبريّ بسند صحيح، من طريق عامر الشعبيّ، عن عائشة: "إذا خرجت أول الآيات طُرِحت الأقلام، وطُويت الصحف، وخَلَصت الحفظة، وشهدت الأجساد على الأعمال"، وهو وإن كان موقوفًا، فحكمه الرفع، ومن طريق العَوْفيّ، عن ابن عباس نحوه، ومن طريق ابن مسعود قالا: "الآية التي يُختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها".

فهذه آثار يشُدُّ بعضها بعضًا متفقة على أن الشمس إذا طلعت من المغرب أُغلق باب التوبة، ولم يُفتح بعد ذلك، وأن ذلك لا يختص بيوم الطلوع، بل يمتد إلى يوم القيامة، ويؤخذ منها أن طلوع الشمس من مغربها، أوَّلُ الإنذار بقيام الساعة.

وفي ذلك رَدٌّ على أصحاب الهيئة، ومن وافقهم أن الشمس وغيرها من الفَلَكيّات بسيطة، لا يَختلف مقتضياتها، ولا يتطرق إليها تغيير ما هي عليه، قال الكرمانيّ: وقواعدهم منقوضة، ومقدماتهم ممنوعة، وعلى تقدير تسليمها، فلا امتناع من انطباق منطقة البروج التي هي مُعَدَّل النهار، بحيث يصير المشرق مغربًا وبالعكس.

واستَدَلّ صاحب "الكشاف" بهذه الآية للمعتزلة، فقال: قوله: {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: ١٥٨] صفة لقوله: {نَفْسًا} [الأعراف: ٤٢]، وقوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: ١٥٨] عطف على {أَمَنَةً} [الأنفال: ١١]، والمعنى أن أشراط الساعة إذا جاءت، وهي آيات مُلجِئة للإيمان، ذهب أوان التكليف عندها، فلم ينفع الإيمان حينئذ من غير مقدمة إيمانها قبل ظهور الآيات، أو مقدمة إيمانها تقديم عمل صالح، فلم يُفَرِّق كما ترى بين النفس الكافرة، وبين النفس التي آمنت في وقته، ولم تكتسب خيرًا لِيُعْلَم أن قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [يونس: ٤] جمع بين قرينتين، لا ينبغي أن تنفك إحداهما عن الأخرى، حتى يفوز صاحبها ويسعد، وإلا فالشقوة والهلاك.

قال الشهاب السمين: قد أجاب الناس بأن المعنى في الآية أنه إذا أتى