للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(بِشَىْءٍ) متعلّق بـ "لَهِيَ"، (بَيْنَ يَدَيْهِ) ظرف متعلّق بصفة لـ "شيء"؛ أي: بشيء كائن بين يديه -صلى الله عليه وسلم-، (فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ)؛ أي: بحمل ابنه إلى بيته، (فَاحْتُمِلَ) بالبناء للمفعول؛ أي: حُمل (مِنْ عَلَى فَخِذِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) "على" هنا اسم بمعنى فوق، وليست حرف جرّ؛ لدخول حرف الجرّ عليها؛ إذ لا يدخل الجارّ على مثله، فهو كقول الشاعر [من الطويل]:

غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَمَا تَمَّ ظِمْؤُها … تَصِلُّ وَعَنْ قَيْضٍ بِزَيْزَاءَ مَجْهَلِ

فـ "من عليه" بمعنى: من فوقه.

والمعنى هنا: حُمِل وأُخذ ذلك الابن من فوق فخذه -صلى الله عليه وسلم-.

(فَأَقْلَبُوهُ)؛ أي: رَدُّوه، وصرفوه، وهكذا في جميع نسخ "صحيح مسلم": "فأقلبوه" بالألف، وأنكره جمهور أهل اللغة، والغريب، وشراح الحديث، وقالوا: صوابه: "قَلَبُوه" بحذف الألف، قالوا: يقال: قَلَبت الصبيَّ، والشيءَ: صَرَفته، ورَدَدته، ولا يقال: أقلبته، وذكر صاحب "التحرير" أن أقلبوه بالألف لغة قليلة، فأثبتها لغة، قاله النوويّ (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وقوله: "فاقلبُوه" كذا جاءت الرواية في هذا الحرف رباعيًّا، وصوابه ثلاثيّ، يقال: قلبت الشيءَ: رددته، والصَّبىَّ: صرفته، قال الأصمعيّ: ولا يُقال: أقلبته. انتهى (٢).

(فَاسْتَفَاقَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: انتبه من شغله، وفكره الذي كان فيه، قاله النوويّ، وقال في "الفتح": أي: انقضى ما كان مشتغلًا به، فأفاق من ذلك، فلم يَرَ الصبيّ، فسأل عنه، يقال: أفاق من نومه، ومن مرضه، واستفاق بمعنى. انتهى (٣).

(فَقَالَ: "أَيْنَ الصَّبِىُّ؟ "، فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: أقْلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللهِ)؛ أي: رددناه إلى بيته، ولفظ البخاريّ: "فقلبناه"، قال في "الفتح": بفتح القاف، وتشديد اللام بعدها، موحّدة ساكنة؛ أي: صرفناه إلى منزله، وذكر ابن التين أنه وقع


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٢٨.
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٧٠.
(٣) "الفتح" ١٤/ ٦٩، كتاب "الأدب" رقم (٦١٩١).