للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العاص بن سعيد الأمويّ، وكان هو، ومروان بن الحكم يتعاقبان إِمْرة المدينة لمعاوية - رضي الله عنه -، والرواية الجازمة أَولى، قاله في "الفتح" (١).

(فَرَأَى) أبو هريرة - رضي الله عنه - (فِيهَا)؛ أي: في تلك الدار (تَصَاوِيرَ)؛ أي: تماثيل، وفي الرواية التالية: "فرأى مصوّرًا يُصوّر في الدار"، وفي رواية البخاريّ: "فرأى أعلاها مصوِّرًا يُصوِّر"، قال الحافظ: لم أقف على اسم هذا المصوّر. (فَقَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "قَالَ اللهُ عز وجل) هذا يُسمّى الحديث القدسيّ، (وَمَنْ) استفهاميّة، والاستفهام للإنكار؛ أي: لا أَحَدَ (أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ)؛ أي: قصَدَ (يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي) قال في "العمدة أي: لا أحد أظلم ممن قَصَد حال كونه يخلق؛ أي: يصنع، ويُقَدِّر كخلقي.

[فإن قلت]: كيف التشبيه في قوله: "كخلقي؟ ".

[قلت]: التشبيه لا عموم له؛ يعني: كخلقي في فعل الصورة، لا من كل الوجوه.

قيل: الكافر أظلم منه، وأجيب بأن الذي يُصَوِّر الصنم للعبادة هو كافر، فهو هو، أو يزيد عذابه على سائر الكفار؛ لزيادة قبح كفره. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": التشبيه في فعل الصورة وحدها، لا من كل الوجوه، قال ابن بطال: فَهِمَ أبو هريرة - رضي الله عنه - أن التصوير يتناول ما له ظلّ، وما ليس له ظلّ، فلهذا أنكر ما يُنْقَش في الحيطان، قال الحافظ: هو ظاهر من عموم اللفظ، ويَحْتَمِل أن يُقْصَر على ما له ظلّ من جهة قوله: "كخلقي"، فإن خَلْقَه الذي اخترعه ليس صورة في حائط، بل هو خلق تامّ، لكن بقية الحديث تقتضي تعميم الزجر عن تصوير كل شيء، وهي قوله: "فليخلقوا حبة، وليخلقوا ذَرّةً"، ويجاب عن ذلك بأن المواد إيجاد حبة على الحقيقة، لا تصويرها. انتهى (٣).

(فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً) - بفتح الذال المعجمة، وتشديد الراء -: النَّملة الصغيرة، (أَو لِيَخْلُقُوا حَبَّةً) المراد: حبة القَمْح، بقرينة قوله: (أَو لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً")


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٦٨، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٥٢).
(٢) "عمدة القاري" ٢٢/ ٧١.
(٣) "الفتح" ١٣/ ٤٦٨، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٥٢).