للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال آخرون: إنما يُكره من الصور ما كان في الحيطان، وصُوّر في البيوت، وأما ما كان رقمًا في ثوب فلا، واحتجوا بحديث سهل بن حُنيف، وأبي طلحة، وفيه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إلا ما كان رقمًا في ثوب" (١)، فكل صورة مرقومة في ثوب، فلا بأس بها على كل حال؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استثنى الرقم في الثوب، ولم يخصّ من ذلك شيئًا ولا نوعًا، وذكروا عن القاسم، وهو راوية حديث عائشة، ما رواه ابن أبي شيبة، عن أزهر، عن ابن عون، قال: دخلت على القاسم، وهو بأعلى مكة في بيته، فرأيت في بيته حَجَلة فيه تصاوير السندس، والعنقاء.

وقال آخرون: لا يجوز استعمال شيء من الصور، رقمًا كان في ثوب، أو غير ذلك، إلا أن يكون الثوب يوطأ، ويُمتهن، فأما أن يُنصب؛ كالسِّتر ونحوه فلا، قالوا: وفي حديث عائشة، من رواية ابن شهاب، ما يخصّ الثياب، ويعيّنها، وهو يعارض حديث سهل بن حنيف، وأبي طلحة، إلا أنّا قد روينا عن عائشة، أن ذلك من الثياب فيما يُنصب، دون ما يُبسط، فبان بذلك وجه الحديثين، وأنهما غير متعارضين، وعائشة قد علمت مخرج حديثها، ووقفت عليه، وذكروا من الأثر ما رواه وكيع وغيره، عن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "سترت سَهْوة لي بستر فيه تصاوير، فلمّا قَدِم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هَتَكه، فجعلت منه منبذتين، فرأيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - متكئًا على إحداهما"، قالوا: ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَرِه من ذلك، ما كان سترًا منصوبًا، ولم يكره ما اتكأ عليه من ذلك، وامتهنه.

قال أبو عمر: وقد يَحْتَمِل أن يكون الستر لمّا هتكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغيَّرت


(١) أشار به إلى ما أخرجه الترمذيّ ٤/ ٢٣٠ بسند صحيح، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة الأنصاريّ يعوده، قال: فوجدت عنده سهل بن حنيف، قال: فدعا أبو طلحة إنسانًا ينزع نمطًا تحته، فقال له سهل: لم تنزعه، فقال: لأن فيه تصاوير، وقد قال فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما قد علمت، قال سهل: أوَ لم يقل: "إلا ما كان رقمًا في ثوب"؟ فقال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. انتهى.