للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للأصل في جميع أوصافه، مع موافقته فيه؛ لظواهر النصوص الصحيحة، والله أعلم.

قال الشافعيّ رحمه الله: قال لي بعض الناس: الخمر حرام، والسكر من كل شراب حرام، ولا يحرم المسكر منه حتى يُسكر، ولا يحدّ شاربها.

فقلت: كيف خالفت ما جاء به عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم عن عمر، ثم عن عليّ، ولم يقل أحد من الصحابة خلافه؟ قال: وروينا عن عمر، قلت: في سنده مجهول عنده فلا حجةٌ فيه، قال البيهقيّ: أشار إلى رواية سعيد بن ذي لعوة أنه شرب من سطيحة لعمر، فسكر فجلده عمر، قال: إنما شربت من سطيحتك، قال أضربك على السكر، وسعيد قال البخاري وغيره: لا يُعرف. قال: وقال بعضهم: سعيد بن ذي حدان، وهو غلط، ثم ذكر البيهقيّ الأحاديث التي جاءت في كسر النبيذ بالماء.

منها: حديث همام بن الحارث، عن عمر، أنه كان في سفر، فأُتي بنبيذ، فشرب منه، فقَطَب، ثم قال: إن نبيذ الطائف له عُرام - بضم المهملة، وتخفيف الراء - أي: شِدَّة، ثم دعا بماء، فصبه عليه، ثم شرب، وسنده قويّ، وهو أصح شيء وَرَدَ في ذلك، وليس نصًّا في إنه بلغ حدّ الإسكار، فلو كان بلغ حدّ الإسكار، لم يكن صبّ الماء عليه مزيلًا لتحريمه.

وقد اعترف الطحاويّ بذلك، فقال: أَبُو كان بلغ التحريم لكان لا يحلّ، ولو ذهبت شدته بصب الماء، فثبت أنه قبل أن يصب عليه الماء كان غير حرام.

قال الحافظ: وإذا لم يبلغ حد الإسكار فلا خلاف في إباحة شرب قليله وكثيره، فدل على أن تقطيبه لأمر غير الإسكار، قال البيهقيّ: حَمْلُ هذه الأشربة على أنهم خَشُوا أن تتغير، فتشتد، فجوّزوا صب الماء فيها؛ ليمتنع الاشتداد أَولى من حَمْلِها على أنها كانت بلغت حد الإسكار، فكان صب الماء عليها لذلك؛ لأن مزجها بالماء لا يمنع إسكارها إذا كانت قد بلغت حد الإسكار.

ويَحْتَمِل أن يكون سبب صب الماء كون ذلك الشراب، كان حَمْضَ،