للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

البخاريّ، ومسلم بعد هذا من حديثه: "فرميناه". انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي استدلّ به صاحب "التنبيه" على أن الرامي هو رافع لا يخفى بُعده؛ لأن معنى قوله: "فرميناه"؛ أي: رماه بعضنا، ولا يلزم منه أن يكون هو الرامي، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(فَحَبَسَهُ) وفي رواية للبخاريّ: "فحبسه الله"؛ أي: أَصابه السهم، فوقف، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ) وللبخاريّ: "إن لهذه البهائم"، قال بعض شراح "المصابيح": هذه اللام تفيد معنى "مِنْ"؛ لأن البعضية تستفاد من اسم "إِنَّ"؛ لكونه نكرةً. انتهى.

(أَوَابِدَ) جمع آبدةٍ بالمدّ، وكسر الموحدة؛ أي: غريبة، يقال: جاء فلان بآبدة؛ أي: بكلمة، أو فعلة منَفِّرة، يقال: أبدت بفتح الموحدة تأبُد بضمّها، ويجوز الكسر أُبُودًا، ويقال: تأبدت؛ أي: توحّشت، والمراد أن لها توحشًا، قاله في "الفتح".

وقال الفيّوميّ رحمه الله: أَبَدَ الشيءُ، من بَابَي ضرب، وقتل يَأْبِدُ، ويأبُدُ أُبُودًا: نَفَرَ، وتَوَحَّش، فهو آبِدٌ، على فاعل، وأبَدَت الوحوش: نَفَرت من الإنس، فهي أَوَابِدُ، ومن هنا وُصف الفَرَسُ الخفيف الذي يُدرك الوحش، ولا يكاد يفوته بأنه قَيْدُ الأَوَابِد؛ لأنه يمنعها المُضِيّ، والخلاصَ من الطالب، كما يمنعها القيد، وقيل للألفاظ التي يَدِقّ معناها: أوَابِدُ؛ لبُعد وضوحه. انتهى (٢).

(كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ) قال الفيّوميّ رحمه الله: الوَحْشُ: ما لا يَستأنس من دوابّ البِّر، وجمعه وُحُوشٌ، وكل شيء يَسْتَوْحِشُ عن الناس فهو وَحْشٌ، ووَحْشِيٌّ، كأن الياء للتوكيد، كما في قوله:

أَطَرَبًا وَأَنْتَ قِنَّسْرِيُّ … وَالدَّهْرُ بِالإِنْسَانِ دَوَّارِيٌّ

أي: كثير الدّوَران، وقال الفارابيّ: الوَحْشُ: جمع وَحْشِيٌّ، ومنه الوَحْشَةُ بين الناس، وهي الانقطاع، وبُعْدُ القلوب عن المودّات، ويقال: إِذَا أَقْبَلَ الليْلُ اسْتَأْنَسَ كُلُّ وَحْشِيٍّ، واسْتَوْحَشَ كل إِنْسِيٍّ، وأَوْحَشَ المكان، وتَوَحَّشَ: خلا


(١) "تنبيه المعلم" ص ٣٣٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١.