للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال المنذريّ: اختُلف في هذه اللفظة، هل هي بوزن أَعْط، أو بوزن أَطِعْ، أو هي فعل أمر من الرؤية، فعلى الأول المعنى: أَدِمِ الْحَزَّ، من رَنَوْتُ: إذا أدمت النظر، وعلى الثاني: أهلكها ذبحًا، من أران القومُ: إذا هلكت مواشيهم.

وتعُقّب بأنه لا يتعدى، وأجيب بأن المعنى: كن ذا شاة هالكة، إذا أُزهقت نفسُها بكل ما أنهر الدم.

قال الحافظ: ولا يخفى تكلفه، وأما على أنه بصيغة فعل الأمر، فمعناه: أَرِني سيلان الدم، ومن سكّن الراء، اختلس الحركة، ومن حَذَف الياء جاز.

وقوله: "واعْجَلْ" بهمزة وصل، وفتح الجيم، وسكون اللام، فعلُ أَمْر من العجلة؛ أي: اعْجَل، لا تموت الذبيحة خَنقًا، قال: ورواه بعضهم بصيغة أَفْعَل التفضيل؛ أي: ليكن الذبح أعجل ما أنهر الدم.

قال الحافظ: وهذا وإن تمشّى على رواية أبي داود، بتقديم لفظ "أرني" على "أعجل"، لم يستقم على رواية البخاري بتأخيرها.

وجوّز بعضهم في رواية "أرن" بسكون الراء أن يكون من أَرْنَانِي حُسنُ ما رأيته؛ أي: حملني على الرُّنُوّ إليه، والمعنى على هذا: أَحْسِنِ الذبح، حتى تحب أن ننظر إليك، ويؤيده حديث: "إذا ذبحتم، فأحسنوا"، أخرجه مسلم. انتهى ما في "الفتح" (١).

(مَا أَنْهَرَ الدَّمَ)؛ أي: أساله، وصبَّه بكثرة، ووزْنه أفعل، من النهر، شُبِّهَ خُروج الدم بجري الماء في النهر. قال عياض: هذا هو المشهور في الروايات بالراء، وذكره أبو ذر الخشني بالزاي، وقال: النهز بمعنى الرفع، وهو غريب، و"ما" موصولة، في موضع رفع بالابتداء، وخبرها "فكلوا"، والتقدير: ما أنهر الدم، فهو حلال، فكلوا. ويَحْتَمِل أن تكون شرطية. ووقع في رواية أبي إسحاق، عن الثوريّ: "كلُّ ما أنهر الدم ذكاة"، و"ما" في هذا موصوفة. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ١٢/ ٤٨٣ - ٤٨٤ رقم (٥٥٠٩).
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ٤١٦.